موقعَ إنْ هَهُنا التَّفَصِّي عن تكرار لفظةِ مَا وهُو الدَّاعِي إلى قلبِ ألِفها هاءً في مَهْمَا وجعلُها شرطيةً أو زائدةً مِمَّا لَا يليقُ بالمقامِ {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وأبصارا وَأَفْئِدَةً} ليستعملُوهَا فيمَا خُلقتْ لهُ ويعرفُوا بكل منها ما بيطت بهِ معرفتُه من فنونِ النعمِ ويستدلُّوا بها على شؤن منعهما عزَّ وجلَّ ويداومُوا على شُكرِه {فَمَا أغنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ} حيثُ لم يستعملُوه في استماعِ الوَحي ومواعظِ الرسلِ {وَلَا أبصارهم} حيثُ لم يجتلُوا بها الآياتِ التكوينيةِ المنصوبةِ في صحائفِ العلم {وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ} حيثُ لم يستعملُوها في معرفةِ الله تعالَى {مِن شَىْء} أي شيئاً من الإغناءِ ومِنْ مزيدةٌ للتأكيدِ وقولُه تعالى {إذ كانوا يجحدون بآيات الله} متعلقٌ بما أَغْنَى وهو ظرفٌ جَرَى مجرى التعليلِ من حيثُ أنَّ الحكمَ مرتبٌ على ما أضيفَ إليهِ فإنَّ قولَكَ أكرمتُه إذ أكرمنِي في قوةِ قولِك أكرمته لإكرامه أذا أكرمتَهُ وقتَ إكرامِه فإنَّما أكرمْتَه فيه لوجودِ إكرامه فيه كذا الحالُ في حيثُ {وَحَاقَ بِهِم مَا كَانُواْ بِهِ يستهزؤون} من العذابِ الذي كانُوا يستعجلونَهُ بطريقِ الاستهزاءِ ويقولونَ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كنتَ من الصادقينَ