به مبالغة وقرئ لذةٌ بالرفعِ على أنَّها صفةُ أنهارٌ وبالنصبِ على العلَّةِ أي لأجلِ لذةِ الشاربينَ {وأنهار مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} لا يُخالطُه الشمعُ وفضلاتُ النحلِ وغيرُها وفي هذا تمثيلٌ لما يَجْري مَجرى الأشربةِ في الجنةِ بأنواعِ ما يُستطابُ منها ويُستلذُّ في الدُّنيا بالتخليةِ عمَّا يُنغصها ويُنقصها والتحليةِ بما يُوجبُ غزارتُها ودوامَها {وَلَهُمْ فِيهَا} مع ما ذُكَر من فنونِ الأنهارِ {مِن كُلّ الثمرات} أيْ صنفٌ من كلِّ الثمراتِ {وَمَغْفِرَةٌ} أي ولهم مغفرةٌ عظيمةٌ لا يُقادرُ قَدرُها وقولُه تعالى {مّن رَّبّهِمُ} متعلقٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ لمغفرةٌ مؤكدةٌ لما أفاده التنكيرُ من الفخامةِ الذاتيةِ بالفخامةِ الإضافيةِ أي كائنةٌ من ربِّهم وقولُه تعالى {كمن هو خالد فى النار} خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ أمَّنْ هو خالدٌ في هذه الجنةِ حسبما جريَ به الوعدُ كمن هو خالد فى النار كما نطق به قوله تعالى والنَّارُ مَثْوىً لَهُم وقيل هو خبرٌ لَمثَلُ الجنةِ على أنَّ في الكلامِ حذفاً تقديرُهُ أمثلُ الجنةِ كمثلِ جزاءِ من هو خالد فى النار أو أمثلُ أهلِ الجنةِ كمثلِ من هو خالدٌ في النارِ فعُرّيَ عن حرفِ الإنكارِ وحُذفَ ما حذفَ تصويراً لمكابرةِ مَن يُسوي بين المتمسكِ بالبينةِ وبين التابعِ للهوى بمكابرةِ من سوَّى بين الجنةِ الموصوفةِ بما فُصل من الصفاتِ الجليلةِ وبين النارِ {وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً} مكانَ تلك الأشربةِ {فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ} من فرْطِ الحرارةِ قيل إذادنا منهم شوى وجوههم وانمارت فروة رؤسهم فإذا شربوُه قطَّع أمعاءَهم