فقال إنَّ الله تعالى يقول لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ فأعتقها وروي أن عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ كانت لزوجته جاريةٌ بارعةُ الجمال وكان عمرُ راغباً فيها وكان قد طلبها منها مراراً فلم تُعطِها إياه ثم لما وليَ الخِلافةَ زيَّنَتْها وأرسلتها إليه فقالت قد وهبتُكَها يا أميرَ المؤمين فلتخدُمْك قال من أين ملكتِها قالت جئتُ بها من بيت أبي عبدِ الملك ففتش عن كيفية تملكه إياها فقيل إنه كان على فلانٍ العاملِ ديونٌ فلما تُوفيَ أُخِذت من ترِكَته ففتش عن حال العاملِ وأحضر ورثتَه وأرضاهم جميعاً بإعطاء المالِ ثم توجّه إلى الجارية وكان يهواها هوىً شديداً فقال أنت حرةٌ لوجه الله تعالى فقالت لمَ يا أميرَ المؤمنين وقد أزحْتَ عن أمرها كلَّ شُبهة قال لستُ إذن ممن نهى النفسَ عن الهوى
{وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْء} ما شرطيةٌ جازمةٌ لتنفقوا منتصبة به على المفعولية ومن تبعيضية متعلقةٌ بمحذوف هو صفةٌ لاسم الشرطِ أي أي شئ تنفقوا كائناً من الأشياء فإن المفردَ في مثل هذا الموضعِ واقعٌ موقعَ الجمعِ وقيل محلُّ الجارِّ والمجرور النصبُ على التمييز أي أي شيء تنفقوا طيباً تحبُّونه أو خبيثاً تكرَهونه
{فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} تعليلٌ لجوابِ الشرطِ واقعٌ موقِعَه أي فمجازيكم بحسبه جيداً كان أو رديئاً فإنه تعالى عليمٌ بكل شيءٍ تُنفِقونه علماً كاملاً بحيثُ لا يخفى عليه شيءٌ من ذاته وصفاته وتقديم الجار والمجرور لرعاية الفواصلِ وفيهِ من الترغيبِ في إنفاق الجيدِ والتحذيرِ عن انفاق الرديء مالا يخفى