للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١١ - آل عمران

قبله بالقتال فهم يقاتلون الكفارَ فيدخلونهم في الإسلام فهم خيرُ أمةٍ للناس

{تَأْمُرُونَ بالمعروف وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر} استئناف مبين لكونم خيرَ أمة كما يقال زيدٌ كريمٌ يطعم الناسَ ويكسوهم ويقوم بمصالحهم أو خبرٌ ثانٍ لكنتم وصيغةُ الاستقبال للدِلالة على الاستمرار وخطابُ المشافهةِ وإن كان خاصاً بمن شاهد الوحيَ من المؤمنين لكن حُكمَه عامٌ للكل قال ابن عباس رضي الله عنهما يريد أمة محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم وقال الزجاج أصلُ هذا الخطابِ لأصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمُّ سائرَ أمتِه وروى الترمذيُّ عن بَهْزِ بنِ حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم يقول في قوله تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} أنتم تُتِمّون سبعين أمةً أنتم خيرُها وأكرمُها على الله تعالى وظاهرٌ أن المرادَ بكل أمةٍ أوائلهم وأواخرهم لاأوائلهم فقط فلا بد أن تكون أعقابُ هذه الأمةِ أيضاً داخلةً في الحكم وكذا الحالُ فيما رُوي أن مالكَ بنَ الصيف ووهب ابن يهوذا اليهوديَّين مرّا بنفرٍ من أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم فيهم ابنُ مسعود وأبيُّ بنُ كعبٍ ومعاذُ بنُ جبل وسالمٌ مولى حذيفةَ رضوانُ الله عليهم فقالا لهم نحن أفضلُ منكم ودينُنا خيرٌ مما تدعوننا إليه ورَوى سعيدُ بنُ جُبيرٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورُوي عن الضحاك أنهم أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم خاصةً الرواةُ والدعاةُ الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم

{وَتُؤْمِنُونَ بالله} أي إيماناً متعلقاً بكلِّ ما يجبُ أنْ يؤمَنَ به من رسول وكتابٍ وحساب وجزاءٍ وإنما لم يصرح به تفصيلاً لظهور أنه الذي يؤمِن به المؤمنون وللإيذان بأنه هو الإيمانُ بالله تعالى حقيقةً وأن ما خلا عن شئ من ذلك كإيمان أهلِ الكتابِ ليس من الإيمان به تعالى في شئ قال تعالى {وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلك سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون حَقّاً} وإنما أُخِّر ذلك عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع تقدمه عليهما وجوداً ورُتبةً لأن دَلالتَهما على خيريتهم للناس أظهرُ من دلالته عليها وليقترن به قولُه تعالى

{وَلَوْ آمن أَهْلُ الكتاب لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} أي لو آمنوا كإيمانكم لكان ذلك خيراً لهم مما هم عليه من الرياسة واستتباعِ العوامِّ ولازدادت رياستُهم وتمتُّعهم بالحظوظ الدنيويةِ مع الفوز بما وُعِدوه على الإيمان من إيتاء الأجرِ مرتين وقيل مما هم فيه من الكفر فالخيريةُ إنما هي باعتبار زعمِهم وفيه ضربُ تهكّمٍ بهم وإنما لم يتعرَّضْ للمؤمَنِ به أصلاً للإشعار بظهور أنه الذي يُطلق عليه اسمُ الإيمانِ لا يذهبُ الوهمُ إلى غيره ولو فُصِّل المؤمَنُ به ههنا أو فيما قبلُ لربما فُهم أن لأهل الكتاب أيضاً إيماناً في الجملة لكن إيمانَ المؤمنين خيرٌ منه وهيهاتَ ذلك

{مّنْهُمُ المؤمنون} جملةٌ مستأنفة سيقت جواباً عمَّا نشأَ من الشرطية الدالةِ على انتفاء الخيريةِ لانتفاء الإيمانِ عنهم كأنه قيل هل منهم من آمن أو كلُّهم على الكفر فقيل منهم المؤمنون المعهودون الفائزون بخير الدارين كعبدِ اللَّه بنِ سَلَام وأصحابُه

{وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} المتمردون في الكفر الخارجون عن الحدود

<<  <  ج: ص:  >  >>