هي عليها بالحذف لما بينهما من المقارنة في أصل المقاربة وليس فيها شائبة الانشائية كما في عسى وقرئ يخطِف بكسر الطاء ويختطف بفتح الياء والخاء بنقل فتحة التاء إلى الخاء وإدغامها في الطاء ويِخِطف بكسرهما على إتباع الياء والخاء ويُخَطِّف من صيغة التفعيل ويتخطف من قوله تعالى {وَيُتَخَطَّفُ الناسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}{كُلَّمَا أَضَاء لَهُم} كل ظرف وما مصدرية والزمان محذوف أي كلَّ زمان إضاءةً وقيل ما نكرة موصوفة معناها الوقت والعائد محذوف أي كل وقت أضاء لهم فيه والعامل في كلما جوابها وهو استئناف ثالث كأنه قيل ما يفعلون في أثناء ذلك الهول أيفعلون بأبصارهم ما فعلوا بآذانهم أم لا فقيل كلما نوّر البرقُ لهم ممشىً ومسلكاً على أن أضاء متعدٍ والمفعول محذوف أو كلما لمع لهم على أنه لازم ويؤيد قراءة كُلَّمَا أَضَاء {مَّشَوْاْ فِيهِ} أي في ذلكَ المسلك أو في مطرح نوره خطوات يسيرة مع خوف أن يخطَف أبصارهم وإيثارُ المشي على ما فوقه من السعي والعدو للإشعار بعدم استطاعتهم لهما {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ} أي خفي البرقُ واستتر والمظلم وإن كان غيرَه لكن لمّا كان الإظلامُ دائراً على استتاره أُسند إليه مجازاً تحقيقاً لما أريد من المبالغة في موجبات تخبُّطِهم وقد جوز أن يكون متعدياً منقولاً من ظلم الليل ومنه ما جاء في قول أبي تمام
هما أظلما حاليَّ ثُمّتَ أجليا ... ظلامَيْهما عن وجهِ أمردَ أشيبِ
ويعضُده قراءة أُظلِم على البناء للمفعول {قَامُواْ} أي وقفوا في أماكنهم على ما كانُوا عليهِ من الهيئة متحيرين مترصدين لخفقة أخرى عسى يتسنى لهم الوصول إلى المقصد أو الالتجاء إلى ملجأ يعصِمُهم وإيرادُ كلما مع الإضاءة وإذ مع الظلام للإيذان بأنهم حِراصٌ على المشى مترقيون لما يصححه فكلما وجدوا فرصة انتهزوها ولا كذلك الوقوف وفيه من الدلالة على كمال التحير وتطاير اللب مالا يوصف {وَلَوْ شَاء الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأبصارهم} كلمة لو لتعليق حصولِ أمرٍ ماض هو الجزاءُ بحصول أمرٍ مفروض فيه هو الشرط لما بينهما ن الدوران حقيقة أو ادعاء ومن قضية مفروضية الشرطِ دلالتُها على انتفائه قطعاً والمنازِعُ فيه مكابر وأما دلالتها على انتفاءِ الجزاء فقد قيل والحقُّ الذي لا محيدَ عنه أنه إن كان ما بينهما من الدوران كلياً أو جزئياً قد بُني الحكم على اعتباره فهي دالةٌ عليه بواسطة مدلولها الوضعيّ لا محالة ضرورة استلزام انتفاء العلة لا نتفاء المعلول أما في مادة الدوران الكلي كما في قوله عز وجل {وَلَوْ شَآء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} وقولك لو جئتني لأكرمتُك فظاهرٌ لأن وجودَ المشيئة علةٌ لوجود الهداية حقيقةً ووجود المجئ علةٌ لوجود الإكرام ادعاءً وقد انتفيا بحكم المفروضية فانتفى معلولاهما حتماً ثم إنه قد يساق الكلامُ لتعليل انتفاء الجزاء بانتفاءالشرط كما في المثالين المذكورين وهو الاستعمال الشائعُ لكلمة لو ولذلك قيل هي لامتناع الثاني لامتناع الأول وقد يساق للاستدلال بانتفاء الثاني لكونه ظاهراً أو مسلّماً على ابتغاء الأولِ لكونه خفياً أو متنازعاً فيهِ كما في قوله سبحانه {لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلَاّ الله لَفَسَدَتَا} وفي قوله تعالى {لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سبقونا} فإن فسادهما لازمٌ لتعدد الآلهةِ حقيقةً وعدمُ سبقِ المؤمنين إلى الإيمان لازمٌ لخيريته في زعم الكفرة ولاريب في انتفاء اللازمين انتفاءُ الملزومين حقيقة في الأول وادعاءً باطلاً في الثاني ضرورةَ استلزامِ انتفاءِ اللازم لانتفاء الملزوم لكن لا بطريق السببية الخارجية كما في المثالين الأولين بل بطريق الدلالةِ العقلية الراجعةِ إلى سببية العلم بانتفاء الثاني للعلم بانتفاء الأول ومَن لَم يَتَنَبَّه لَه زعَم أنه لانتفاء الأولِ لانتفاء الثاني وأما