للكل وإن جعلاً للبعض الباقين بعد ما قُتل الآخرون كما هو الأنسبُ بمقام توبيخِ المنخذِلين بعد ما استُشهد الشهداءُ فهي عبارةٌ عما ذُكر مع ما اعتراهم من قتل إخوانِهم من الخوف والحُزْن وغيرِ ذلك هذا على القراءة المشهورةِ وأما على القراءتين الأخيرتين فإن أُسندَ الفعلُ إلى الرّبيّين فالضميران للباقين منهم حتماً وإن أُسند إلى ضمير النبي كما هو النسب بالتوبيخ على الانخذال بسبب الإرجاف بقتلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فهما للباقين أيضاً إن اعتُبر كونُ الرّبيّين مع النبي في القتل وللجميع إن اعتُبر كونُهم معه في القتال
{وَمَا ضَعُفُواْ} عن العدو وقيل عن الجهاد وقيل في الدين
{وَمَا استكانوا} أي وما خضَعوا للعدو وأصلُه استكنَ من السكون لأن الخاضعَ يسكُن لصاحبه ليفعلَ به ما يريدُه والألفُ من إشباع الفتحةِ أو استكْوَن من الكون لأنه يُطلب أن يكون لمن يُخضَع له وهذا تعريضٌ بما أصابهم من الوهن والانكسارِ عند استيلاءِ الكفرةِ عليهم والإرجاف بقتل النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم وبضَعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين واستكانتِهم لهم حين أرادوا أن يعتضِدوا بابن أُبيّ المنافق في طلب الأمانِ من أبي سفيان
{والله يُحِبُّ الصابرين} أي على مقاساة الشدائدِ ومعاناةِ المكاره في سبيل الله فينصرهم ويعظهم قدرَهم والمرادُ بالصابرين إما المعهودون والإظهارُ في موضعِ الإضمارِ للثناء عليهم بحسن الصبرِ والإشعارِ بعلة الحُكم وإما الجنس وهم داخلون فيه دخولا أولياً والجملةُ تذييلٌ لما قبلَها