كان من أشرف قبائلِ العرب وبطونها وقرئ لَمِنْ منِّ الله على المؤمنين إذ بعث الخ على أنه خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ أي منُّه إذ بعث الخ أو على أن إذ في محلِ الرفعِ على الابتداء بمعنى لَمِنْ منِّ الله على المؤمنين من وقتُ بعثِه وتخصيصُهم بالامتنان مع عموم نعمةِ البعثةِ للأسود والأحمرِ لما مرّ من مزيد انتفاعِهم بها وقوله تعالى مّنْ أَنفُسِهِمْ متعلقٌ بمحذوف وقع صفة لرسولاً أي كائناً من أنفسهم وقوله تعالى
{يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياته} صفةٌ أخرى أي يتلو عليهم القرآن بعدما كانوا أهلَ جاهليةٍ لم يطرُق أسماعَهم شيءٌ من الوحي
{وَيُزَكّيهِمْ} عطفٌ على يتلو أي يطهرهم من دنس الطبائعِ وسوءِ العقائدِ وأوضارِ الأوزار
{وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة} أي القرآنَ والسنةَ وهو صفةٌ أُخْرَى لرسولاً مترتبةٌ في الوجودِ عَلَى التِّلاوةِ وإنَّما وَسَّطَ بينَهُما التزكيةَ التي هي عبارةٌ عن تكميل النفس بحسب القوةِ العمليةِ وتهذيبِها المتفرِّعِ عَلَى تكميلِهَا بحسبِ القوةِ النظريةِ الحاصلِ بالتعليمِ المترتبِ على التلاوة للإيذانِ بأنَّ كلَّ واحدٍ من الأمورِ المترتبةِ نعمةٌ جليلةٌ على حيالِهَا مستوجبةٌ للشكرِ فَلَو رُوعِي ترتيبَ الوجودِ كما في قوله تعالى رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يتلو عَلَيْهِمْ آياتك وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب والحكمة وَيُزَكّيهِمْ لتبادر إلى الفهم عدُّ الجميعِ نعمةً واحدةً وهو السرُّ في التعبير عن القرآن بالآياتِ تارة وبالكتاب والحكمة أخرى رمزاً إلى أنَّه باعتبارِ كلِّ عنوانٍ نعمةٌ عَلى حدة ولا يقدحُ في ذلك شمولُ الحكمةِ لِمَا في مطاوي الأحاديثِ الكريمةِ من الشرائع كما سلف في سورة البقرة
{وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ} أي من قبلِ بعثتِه عليه السَّلامُ وتزكيته وتعليمِه
{لَفِى ضلال مُّبِينٍ} أي بيِّن لا ريبَ في كونه ضلالاً وإنْ هي المخففةُ من المثقلة وضميرُ الشأنِ محذوفٌ واللامُ فارقةٌ بينها وبين النَّافيةِ والظرفُ الأولُ لغوٌ متعلقٌ بكان والثاني خبرُها وهي مع خبرها خبرٌ لأن المخففة التي حُذف اسمُها أعني ضميرَ الشأن وقيل هي نافيةٌ واللامُ بمعنى إلا أي وما كانوا من قبل إِلَاّ فِى ضلال مُّبِينٍ وأيا ما كان فالجملةُ إِمَّا حالٌ منَ الضميرِ المنصوب في يعلمهم أو مستأنفةٌ وعلى التقديرين فهي مبيِّنة لكمال النعمةِ وتمامِها