للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكة ليسَ لذلك (١)، بل تحلُّ لقطتُه مطلقاً، أو (٢) تحرم مطلقاً، وهذا لا قائل به، فإذا آل الأمرُ إلى هذا، فالخطبُ يسير، وذلك أنا اتفقنا على (٣) أن التخصيص إذا خرج مخرجَ الغالب، فلا مفهومَ له، وكذلك نقول هنا: الغالبُ أن لقطةَ مكة ييأس ملتقطها من صاحبها؛ لتفرُّق الخلق عنها إلى الآفاق البعيدة، فربما داخلَه الطمعُ فيها من أول وهلة، فاستحلَّها قبلَ التعريف، فخصَّها الشارعُ بالنهي عن استحلالِ لقطتها (٤) قبلَ التعريف؛ لاختصاصِها بما ذكرناه، فقد ظهرت للتخصيص فائدة سوى المفهوم، فسقط الاحتجاجُ به، وانتظم الاختصاص حينئذ، وتناسب السياق، ذلك أن المأيوس من معرفة صاحبه لا يُعَرَّف؛ كالموجود بالسواحل، لكن مكة تختص بان تُعَرَّفَ لقطتُها.

وقد نص بعضهم على أن لُقَطَة العسكر ببلد الحرب إذا تفرق العسكر لا تعرَّف سنة؛ لأنها إما لكافر، فهي مباحة، وإما لأهل العسكر، فلا معنى لتعريفها في غيرهم، فظهر حينئذ اختصاصُ مكة بالتعريف، وإن تفرقَ أهلُ الموسم، مع أن الغالبَ كونُها لهم، وأنهم لا يرجعون لأجلها، فكأنه -عليه السلام- قال: ولا تحل لقطتها إلا بعدَ الإنشاد والتعريفِ سنةً؛ بخلاف ما هو من جنسها؛ كمجتمعات العساكر، ونحوها؛ فإن تلك تحل بنفس افتراق العسكر، ويكون المذهب حينئذ أسعدَ بظاهرِ الحديث من


(١) في "ج": "أن غير كذلك".
(٢) في "ج": "و".
(٣) "على" ليست في "ع" "و"ج ".
(٤) في "ج": "للقطتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>