للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذن لم يكن لجعل "أخفى" أفعلَ تفضيل مرجح معنوي من هذه الجهة يقتضي ترجيحَه على جعله فعلًا ماضيًا، بل نقول: ترجيحُ كونه ماضيًا على كونه اسمَ تفضيل ثابتٌ من جهة المعنى؛ إذ فرقٌ بين قولك: جاء زيد ضاحكًا، وقولك: جاء زيد وقد ضحك، أو: وهو ضاحك؛ من جهة أن الثاني مقيد لاستئناف إثبات الضحك، ولا كذلك الأول، فللجملة مزية على المفرد (١) من هذه الحيثيَّةِ، ذَكره الإمام عبد القادر، ونقله عنه مولانا سعد الدين التفتازاني في "حاشيته على الكشاف".

ثم قال المقلد لخطباء الهند: ولا يقال بأنه لو جُعل أفعلَ تفضيل إنما جُعل من غير الثلاثي، وهو قليل، والحمل على القليل خلاف الأصل؛ لأنا نقول: لا تتوقف صحة الحالية على ذلك، بل يمكن أن يأخذه من غير الثلاثي على أنه حال من الفاعل؛ أي: حالَ كونِ (٢) المتصدقِ مبالغًا في الإخفاء.

وأقول: هذا لا يدفع السؤال بوجه؛ لأنه متى جعل حالًا من الفاعل، لزم أن يكون اسمُ التفضيل مبنيًّا من غير الثلاثي، والسائل قد صرح في سؤاله بأن ذلك قليل، وأن الحمل على القليل خلاف الأصل، فكيف يدفع هذا بمجرد قوله: إنه يمكن أن يؤخذ من غير الثلاثي على أنه حال من الفاعل؟! فانظر هذا الكلام ما أعجبه!

ثم قال: وإن يأخذه من الثلاثي، ويجعله حالًا عن المفعول المحذوف؛ أي: تصدق بشيءٍ حال كونِ ذلك المنفَق أشدَّ خفاء.


(١) جاء على هامش الأصل: "للجملة مزية على المفرد".
(٢) في الأصل: "كونه"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>