للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأقول: هذا منتقَد من وجهين:

الأول: أنه ليس الغرض الإخبار بوقوع التصدق من الفاعل باعتبار تعلقه بما يقع به، وإنما الغرض إثباته لفاعله مطلقًا، من غير اعتبار تعلقه بالمتصدَّق به، فينزل منزلة اللازم، ولا يقدر له مفعول أصلًا، والمعنى: ورجل يفعل التصدق؛ كما تقول: زيد يعطي؛ أي: يفعل الإعطاء، ولا تقدِّر له مفعولًا إذا كان الغرض منه بيانَ كونِ زيدٍ معطيًا؛ من غير نظر إلى ما يعطيه، كذلك هنا، على ما هو مقرر في علم المعاني.

والثاني: أنه قدر الحال نكرة، وجعل الحال مؤخرة عنه، وهو ممتنع على ما عرف في علم النحو.

فإن قلت: إنما قدر الحال مؤخرة؛ لأن صاحبها مجرور، والحال لا تتقدم عليه على الأصح.

قلت: فيلزم أن يكون قولهم: يجب تقديم الحال على صاحبها المنكَّر، مقيدًا بما إذا لم يكن مجرورًا، وأن المجرور النكرة تقع حاله مؤخرة عنه، وهذا يحتاج إلى نقل خاص، ولم أقف عليه (١).

والحاصل: أنه ثبت لنا عنهم نصان:

أحدهما: أن ذا الحال إذا كان نكرة، وجب تقديم حاله عليه.


(١) جاء على هامش الأصل: "قوله: يحتاج إلى نقل خاص، لا يخفى سقوطه، وإن التصحيح نقل خاص؛ لأن القاعدة: تقدم الحال على صاحبها النكرة، فلما صححوا عدم تقدمها على المجرور منه، فقد علم وتحقق تقيد القاعدة بغير المجرور، فلا معنى لطلب التنصيص عليه، إلا أن يكون المراد بلفظ التقييد، ولا طائل تحته إلا لتصحيح قوله: ولا يحضرني الآن فيه نقل، فينبغي أن يحرر".

<<  <  ج: ص:  >  >>