والآخر: أن ذا الحال المجرور لا يتقدم عليه الحال في الأصح، ولا يمكن العمل بهما معًا إذا كان صاحب الحال نكرة مجرورًا؛ لإفضائه إلى وجوب تقديم الحال، ووجوب تأخيرها في الصورة المذكورة، وهو باطل، والتعارض يمكن دفعه بالتقييد، فهل يتقيد الأول، فيقال: إذا كان ذو الحال نكرة، تقدمت الحال، إلا أن يكون صاحبها مجرورًا، فلا يتقدم، أو يقيد الثاني، فيقال: لا تتقدم الحال على صاحبها المجرور إلا أن يكون نكرة، فتقدم؟
هذا محل نظر، ولا يحضرني الآن فيه نقل، فينبغي أن يحرر.
ثم قال: فلا مرجح في اللفظ.
وأقول: هذا ليس بصحيح، بل المرجِّحُ اللفظي ثابت، وذلك أن كونه فعلًا ماضيًا سالمٌ مما يلزم على كونه اسمَ تفضيل من ارتكاب المنهج القليل، وهو بناؤه من غير ثلاثي، وجعله مصوغًا من الثلاثي مبنيٌّ على كونه حالًا من المفعول المحذوف، وقد بينا أن لا مفعول محذوف أصلًا، فسقط ما قاله.
ثم قال: وبقي الترجيح المعنوي.
وأقول: قد سبق أن الترجيح من الوجه الذي ادعاه بحسب المعنى ساقط؛ لأن المبالغة مستفادة بتقدير كونه أفعلَ تفضيل، وبتقدير كونه فعلًا ماضيًا؛ لوقوعه مقيدًا بالغاية المفيدة للمبالغة في الإخفاء، فلا ترجيح من هذه الجهة، وقد أسلفنا كونه ماضيًا من جهة المعنى؛ بإفادته لاستئناف إثباته الإخفاء؛ بخلاف ما إذا جُعل اسمَ تفضيل، فثبت ترجيح كون "أخفى" فعلًا ماضيًا على كونه أفعلَ تفضيل من جهة اللفظ والمعنى جميعًا، وبالله التوفيق.