ذلك أخوك وهو خير منك. قال: اسكتي. وهو يبتسم ضاحكا. لترين الأسارى من قومك حول خبائك هذا. قالت: والله لكأني راكبة دابتي إلى قومي أطلب جسدك أواريه. إنك مخدوع. إنما تمارس قوما غلب الرقاب فيهم الحرون ينظرونه نظر القوم إلى الهلاك لو أمرهم بترك الطعام والشراب ما ذاقوه. قال: أقصري من العذل فليس لك عندنا طاعة. فرجع عبيد الله إلى معاوية فضم إليه الشهباء. وهم اثنا عشر ألفا.
وضم إليه ثمانية آلاف من أهل الشام فيهم ذو الكلاع في حمير. فقصدوا يؤمون عليا فلما رأتهم ربيعة جثوا على الركب وشرعوا الرماح حتى إذا غشوهم ثاروا إليهم واقتتلوا أشد القتال ليس فيهم إلا الأسل والسيوف. وقتل عبيد الله وقتل ذو الكلاع. والذي قتل عبيد الله زياد بن خصفة التيمي. وقال معاوية لامرأة عبيد الله: لو أتيت قومك فكلمتهم في جسد عبيد الله بن عمر. فركبت إليهم ومعها من يجيرها فأتتهم فانتسبت فقالوا: قد عرفناك. مرحبا بك فما حاجتك؟ قالت: هذا الجسد الذي قتلتموه فأذنوا لي في حمله. فوثب شباب من بكر بن وائل فوضعوه على بغل وشدوه وأقبلت امرأته إلى عسكر معاوية فتلقاها معاوية بسرير فحمله عليه وحفر له وصلى عليه ودفنه ثم جعل يبكي ويقول: قتل ابن الفاروق في طاعة خليفتكم حيا وميتا فترحموا عليه وإن كان الله قد رحمه ووفقه للخير. قال تقول بحرية وهي تبكي عليه وبلغها ما يقول معاوية فقالت: أما أنت فقد عجلت له يتم ولده وذهاب نفسه ثم الخوف عليه لما بعد أعظم الأمر. فبلغ معاوية كلامها فقال لعمرو بن العاص: ألا ترى ما تقول هذه المرأة؟ فأخبره فقال: والله لعجب لك. ما تريد أن يقول الناس شيئا؟ فو الله لقد قالوا في خير منك ومنا فلا يقولون فيك؟ أيها الرجل إن لم تغض عما ترى كنت من نفسك في غم. قال معاوية: هذا والله رأيي الذي ورثت من أبي.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه قال: اختلف علينا في قتل عبيد الله بن عمر. فقائل يقول قتلته ربيعة. وقائل يقول قتله رجل من همدان.
وقائل يقول قتله عمار بن ياسر. وقائل يقول قتله رجل من بني حنيفة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد بن عمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعد أبي الحسن مولى الحسن بن علي قال: خرجت مع الحسن بن علي ليلة بصفين في خمسين رجلا من همدان يريد أن يأتي عليا. وكان يومنا يوما قد عظم فيه الشر بين الفريقين. فمررنا برجل أعور من همدان يدعى مذكورا