ثم غزوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدر القتال. ويقال: بدر الكبرى. قالوا: لما تحين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصراف العير من الشام التي كان خرج لها يريدها حتى بلغ ذا العشيرة. بعث طلحة بن عبيد الله التيمي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يتحسسان خبر العير. فبلغا التجبار من أرض الحوراء. فنزلا على كشد الجهني. فأجارهما وأنزلهما وكتم عليهما حتى مرت العير. ثم خرجا وخرج معهما كشد خفيرا حتى أوردهما ذا المروة. وساحلت العير وأسرعت. فساروا بالليل والنهار فرقا من الطلب.
فقدم طلحة وسعيد المدينة ليخبرا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبر العير. فوجداه قد خرج.
وكان قد ندب المسلمين للخروج معه وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم لعل الله أن يغنمكموها. فأسرع من أسرع إلى ذلك وأبطأ عنه بشر كثير.
وكان من تخلف لم يلم لأنهم لم يخرجوا على قتال إنما خرجوا للعير. فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المدينة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرا من مهاجره. وذلك بعد ما وجه طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعشر ليال. وخرج من خرج معه من المهاجرين. وخرجت معه الأنصار في هذه الغزاة. ولم يكن غزا بأحد منهم قبل ذلك. وضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عسكره ببئر أبي عنبة. وهي على ميل من المدينة. فعرض أصحابه ورد من استصغر. وخرج في ثلاثمائة رجل وخمسة نفر. كان المهاجرون منهم أربعة وسبعين رجلا. وسائرهم من الأنصار. وثمانية تخلفوا لعلة. ضرب لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهامهم وأجورهم ثلاثة من المهاجرين: عثمان بن عفان خلفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على امرأته رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت مريضة فأقام عليها حتى ماتت. وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بعثهما يتحسسان خبر العير. وخمسة من الأنصار: أبو لبابة بن عبد المنذر خلفه على المدينة. وعاصم بن عدي العجلاني خلفه على أهل العالية. والحارث بن حاطب العمري رده من الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عنهم. والحارث بن الصمة كسر بالروحاء. وخوات بن جبير كسر أيضا. فهولاء ثمانية لا اختلاف فيهم عندنا. وكلهم مستوجب. وكانت الإبل سبعين بعيرا يتعاقب النفر البعير. وكانت