سعد بن زيد الأشهلي يهدمها فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعليها سادن.
فقال السادن: ما تريد؟ قال: هدم مناة! قال: أنت وذاك! فأقبل سعد يمشي إليها وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها. فقال السادن: مناة دونك بعض غضباتك! ويضربها سعد بن زيد الأشهلي وقتلها ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه ولم يجدوا في خزانتها شيئا وانصرف راجعا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان ذلك لست بقين من شهر رمضان.
سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة (١)
ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة. وكانوا بأسفل مكة على ليلة ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوم الغميصاء.
قالوا: لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقيم بمكة بعثه إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام ولم يبعثه مقاتلا. فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم. فانتهى إليهم خالد فقال: ما أنتم؟ قالوا:
مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد وبنينا المساجد في ساحاتنا وأذنا فيها! قال: فما بال السلاح عليكم؟ فقالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح! قال: فضعوا السلاح! قال: فوضعوه. فقال لهم: استأسروا. فاستأسر القوم.
فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم في أصحابه. فلما كان في السحر نادى خالد: من كان معه أسير فليدافه! والمدافة الإجهاز عليه بالسيف. فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم. وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم. فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- ما صنع خالد فقال:، اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد!، وبعث علي بن أبي طالب فودي لهم قتلاهم وما ذهب منهم ثم انصرف إلى رسول الله فأخبره.
أخبرنا العباس بن الفضل الأزرق البصري. أخبرنا خالد بن يزيد الجوني.
أخبرنا محمد بن إسحاق عن ابن أبي حدرد عن أبيه قال: كنت في الخيل التي أغارت مع خالد بن الوليد على بني جذيمة يوم الغميصاء. فلحقنا رجلا منهم معه نسوة فجعل يقاتلنا عنهن ويقول:
(١) تاريخ الطبري (٣/ ٦٦)، وسيرة ابن هشام (٢/ ٢٨٤)، والمغازي (٨٧٥).