يجعله حيث جعله. وبلغ شباب قريش ما عرضت على عبد الله بن عبد المطلب وتأبيه عليها. فذكروا ذلك لها. فأنشأت تقول:
إني رأيت مخيلة عرضت … فتلألأت بحناتم القطر
فلمائها نور يضيء له … ما حوله كإضاءة الفجر
ورأيته شرفا أبوء به … ما كل قادح زنده يوري
لله ما زهرية سلبت … ثوبيك ما استلبت وما تدري
وقالت أيضا:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم … أمينة إذ للباه يعتلجان
كما غادر المصباح بعد خبوه … فتائل قد ميثت له بدهان
وما كل ما يحوي الفتى من تلاده … بحزم ولا ما فاته لتوان
فأجمل إذا طالبت أمرا فإنه … سيكفيكه جدان يصطرعان
سيكفيكه إما يد مقفعلة … وإما يد مبسوطة ببنان
ولما قضت منه أمينة ما قضت … نبا بصري عنه وكل لساني
قال: وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم. أخبرنا أبي قال: سمعت أبا يزيد المدني قال: نبئت أن عبد الله أبا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى على امرأة من خثعم فرأت بين عينيه نورا ساطعا إلى السماء فقالت: هل لك في؟ قال: نعم حتى أرمي الجمرة.
فانطلق فرمى الجمرة. ثم أتى امرأته آمنة بنت وهب. ثم ذكر. يعني الخثعمية.
فأتاها. فقالت: هل أتيت امرأة بعدي؟ قال: نعم. امرأتي آمنة بنت وهب. قالت: فلا حاجة لي فيك. إنك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء فلما وقعت عليها ذهب. فأخبرها أنها قد حملت خير أهل الأرض.
ذكر حمل آمنة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثيرا
قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال: حدثني علي بن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أبيه عن عمته قالت: كنا نسمع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما حملت به آمنة بنت وهب كانت تقول: ما شعرت أني حملت به. ولا وجدت له ثقله كما تجد النساء. إلا أني قد أنكرت رفع حيضتي وربما كانت ترفعني وتعود. وأتاني آت وأنا بين النائم واليقظان فقال: هل شعرت أنك حملت؟ فكأني أقول ما أدري. فقال: إنك