ذلك غضبت. قال فجثوت على ركبتي ورفعت يدي. هكذا وصف. حيال وجهه فاستقبلت القبلة. قال قلت: اللهم نشكوهم إليك أنا ننفق نفقاتنا وننصب أبداننا ونرحل مطايانا ابتغاء العلم فإذا لقيناهم تجهموا لنا وقالوا لنا. قال فبكى أبي وجعل يترضاني ويقول: ويحك لم أذهب هناك. قال ثم قال: اللهم إني أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله لا أخاف فيه لومة لائم. قال لما قال ذلك انصرفت عنه وجعلت أنتظر الجمعة. فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجتي فإذا السكك غاصة من الناس لا أجد سكة إلا يلقاني فيها الناس. قال قلت:
ما شأن الناس؟ قالوا: أنا نحسبك غريبا. قال قلت: أجل. قالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب. قال جندب: فلقيت أبا موسى بالعراق فحدثته حديث أبي قال: وا لهفاه! لو بقي حتى تبلغنا مقالته.
قال محمد بن عمر: هذه الأحاديث التي تقدمت في موت أبي تدل على أنه مات في خلافة عمر بن الخطاب. رضي الله عنه. فيما رأيت اهله وغير واحد من أصحابنا يقولون سنة اثنتين وعشرين بالمدينة. وقد سمعت من يقول مات في خلافة عثمان بن عفان. رضي الله عنه. سنة ثلاثين. وهو أثبت الأقاويل عندنا. وذلك أن عثمان بن عفان أمره أن يجمع القرآن.
أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد بن سيرين أن عثمان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القرآن.
١٧٥ - أنس بن معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار.
وأمه أم أناس بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود من بني ساعدة من الأنصار. وشهد بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ومات في خلافة عثمان بن عفان. رضي الله عنه. وليس له عقب. هذا قول محمد بن عمر. وأما عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري فقال: شهد أنس بن معاذ بدرا واحدا. وشهد معه أحدا أخوه لأبيه وأمه أبو محمد واسمه أبي بن معاذ. وشهدا أيضا جميعا بئر معونة وقتلا يومئذ جميعا شهيدين.