مروان بن الحكم وأخذوا عليهم الأيمان ألا يرجعوا إليهم وإن قدروا أن يردوا هذا الجيش الذي قد وجه إليهم مع مسلم بن عقبة المري أن يفعلوا. فلما استقبلوا مسلم بن عقبة سلموا عليه وجعل يسائلهم عن المدينة وأهلها فجعل مروان يخبره ويحرضه عليهم فقال له مسلم: ما ترون؟ تمضون إلى أمير المؤمنين أو ترجعون معي؟
فقالوا: بل نمضي إلى أمير المؤمنين. وقال مروان من بينهم: أما أنا فأرجع معك.
فرجع معه مؤازرا له معينا له على أمره حتى ظفر بأهل المدينة وقتلوا وانتهبت المدينة ثلاثا. وكتب مسلم بن عقبة بذلك إلى يزيد. وكتب يشكر مروان بن الحكم ويذكر معونته إياه ومناصحته وقيامه معه. وقدم مروان على يزيد بن معاوية الشام فشكر ذلك له يزيد وقربه وأدناه. فلم يزل مروان بالشام حتى مات يزيد بن معاوية وقد كان عقد لابنه معاوية بن يزيد بالعهد بعده. فبايع له الناس وأتته بيعة الآفاق إلا ما كان من ابن الزبير وأهل مكة. فولي ثلاثة أشهر. ويقال أربعين ليلة. ولم يزل في البيت لم يخرج إلى الناس. كان مريضا فكان يأمر الضحاك بن قيس الفهري يصلي بالناس بدمشق.
فلما ثقل معاوية بن يزيد قيل له: لو عهدت إلى رجل عهدا واستخلفت خليفة. فقال:
والله ما نفعتني حيا فأتقلدها ميتا وإن كان خيرا فقد استكثر منه آل أبي سفيان. لا تذهب بنو أمية بحلاوتها وأتقلد مرارتها. والله لا يسألني الله عن ذلك أبدا ولكن إذا مت فليصل على الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وليصل بالناس الضحاك بن قيس حتى يختار الناس لأنفسهم ويقوم بالخلافة قائم. فلما مات صلى عليه الوليد وقام بأمر الناس الضحاك بن قيس. فلما دفن معاوية بن يزيد قام مروان بن الحكم على قبره فقال: أتدرون من دفنتم؟ قالوا: معاوية بن يزيد. فقال: هذا أبو ليلى. فقال أزنم الفزاري:
إني أرى فتنا تغلي مراجلها … فالملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
واختلف الناس بالشام فكان أول من خالف أمراء الأجناد ودعا إلى ابن الزبير النعمان بن بشير بحمص وزفر بن الحارث بقنسرين. ثم دعا الضحاك بن قيس بدمشق الناس سرا. ثم دعا الناس إلى بيعة ابن الزبير علانية فأجابه الناس إلى ذلك وبايعوه له. وبلغ ذلك ابن الزبير فكتب إلى الضحاك بن قيس بعهده على الشام فكتب الضحاك إلى أمراء الأجناد ممن دعا إلى ابن الزبير فأتوه. فلما رأى ذلك مروان خرج يريد ابن الزبير بمكة ليبايع له ويأخذ منه أمانا لبني أمية وخرج معه عمرو بن سعيد بن