سلول فعلقت بعبد الله بن حنظلة في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا من الهجرة.
وقتل حنظلة بن أبي عامر يومئذ شهيدا فغسلته الملائكة فيقال لولده بنو غسيل الملائكة. وولدت جميلة عبد الله بن حنظلة بعد ذلك بتسعة أشهر فقبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن سبع سنين. وذكر بعضهم أنه قد رأى رسول الله وأبا بكر وعمر وقد روى عن عمر.
أخبرنا معاذ بن معاذ العنبري قال: حدثنا عكرمة بن عمار عن ضمضم بن جوس عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب قال: صلى بنا عمر صلاة المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى شيئا. فلما كان في الثانية قرأ بفاتحة القرآن وسورة. ثم عاد فقرأ بفاتحة القرآن وسورة. ثم صلى حتى فرغ. ثم سجد سجدتين. ثم سلم.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي عن أبيه قال: وأخبرنا ابن أبي ذئب عن صالح بن أبي حسان قال: وحدثنا سعيد بن محمد عن عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد وعن غيرهم أيضا. كل قد حدثني. قالوا: لما وثب أهل المدينة ليالي الحرة فأخرجوا بني أمية عن المدينة وأظهروا عيب يزيد بن معاوية وخلافه أجمعوا على عبد الله بن حنظلة فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت وقال: يا قوم اتقوا الله وحده لا شريك له. فو الله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمي بالحجارة من السماء. إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا. فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي. وما كان لعبد الله بن حنظلة تلك الليالي مبيت إلا المسجد. وما كان يزيد على شربة من سويق يفطر عليها إلى مثلها من الغد يؤتى بها في المسجد. يصوم الدهر. وما رئي رافعا رأسه إلى السماء إخباتا. فلما دنا أهل الشام من وادي القرى صلى عبد الله بن حنظلة بالناس الظهر ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس إنما خرجتم غضبا لدينكم فأبلوا لله بلاء حسنا ليوجب لكم به مغفرته ويحل به عليكم رضوانه. قد خبرني من نزل مع القوم السويداء وقد نزل القوم اليوم ذا خشب ومعهم مروان بن الحكم. والله إن شاء الله محينه بنقضه العهد والميثاق عند منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتصايح الناس وجعلوا ينالون من مروان ويقولون: الوزغ بن الوزغ.
وجعل ابن حنظلة يهدئهم ويقول: إن الشتم ليس بشيء ولكن أصدقوهم اللقاء. والله