عبد العزيز عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: وحدثني إبراهيم بن الفضل عن المقبري أن عبد الملك بن مروان لم يزل بالمدينة في حياة أبيه وولايته حتى كان أيام الحرة. فلما وثب أهل المدينة فأخرجوا عامل يزيد بن معاوية وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان عن المدينة وأخرجوا بني أمية خرج عبد الملك مع أبيه. فلقيهم مسلم بن عقبة بالطريق قد بعثه يزيد بن معاوية في جيش إلى أهل المدينة. فرجع معه مروان وعبد الملك بن مروان وكان مجدورا فتخلف عبد الملك بذي خشب. وأمر رسولا أن ينزل مخيض وهي فيما بين المدينة وذي خشب على اثني عشر ميلا من المدينة وآخر يحضر الوقعة يأتيه بالخبر. وهو يخاف أن تكون الدولة لأهل المدينة. فبينا عبد الملك جالس في قصر مروان بذي خشب يترقب إذا رسوله قد جاء يلوح بثوبه فقال عبد الملك: إن هذا لبشير. فأتاه رسوله الذي كان بمخيض يخبره أن أهل المدينة قد قتلوا ودخلها أهل الشام. فسجد عبد الملك ودخل المدينة بعد أن برأ.
وقال غير محمد بن عمر: كان أهل المدينة قد أخذوا على بني أمية حين أخرجوهم العهود والمواثيق أن لا يدلوا على عورة لهم ولا يظاهروا عليهم عدوا.
فلما لقيهم مسلم بن عقبة بوادي القرى قال مروان لابنه عبد الملك. ادخل عليه قبلي لعله يجتزئ بك مني. فدخل عليه عبد الملك فقال له مسلم. هات ما عندك. أخبرني خبر الناس وكيف ترى. فقال: نعم. ثم أخبره بخبر أهل المدينة ودله على عوراتهم وكيف يؤتون ومن أين يدخل عليهم وأين ينزل. ثم دخل عليه مروان فقال: إيه ما عندك؟ قال: أليس قد دخل عليك عبد الملك؟ قال: بلى.
قال: فإذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني. قال: أجل. ثم قال مسلم: وأي رجل عبد الملك! قل ما كلمت من رجال قريش رجلا به شبها.
قال: أخبرنا أبو عبيد عن أبي الجراح قال: أخبرني محمد بن المنتشر عن رجل من همدان من وداعة من أهل الأردن قال قال: كنا مع مسلم بن عقبة مقدمه المدينة فدخلنا حائطا بذي المروة فإذا شاب حسن الوجه والهيئة قائم يصلي.
فطفنا في الحائط ساعة وفرغ من صلاته. فقال لي: يا عبد الله أمن هذا الجيش أنت؟ قلت: نعم. قال: أتؤمون ابن الزبير؟ قلت: نعم. قال: ما أحب أن لي ما على ظهر الأرض كله وأني سرت إليه. وما على ظهر الأرض اليوم أحد خير منه.