ومسيرهما معه على خديعة منه لهما ومواعيد باطلة. قال عمرو: فإني راجع.
فشجعه خالد على ذلك. فرجع عمرو إلى دمشق فدخلها والسور يومئذ عليها وثيق.
فدعا أهل الشام فأسرعوا إليه. وفقده عبد الملك وقال: أين أبو أمية؟ فقيل له:
رجع. فرجع عبد الملك بالناس إلى دمشق فنزل على مدينة دمشق فأقام عليها ست عشرة ليلة حتى فتحها عمرو له وبايعه. فصفح عنه عبد الملك ثم أجمع على قتله.
فأرسل إليه يوما يدعوه فوقع في نفسه أنها رسالة شر. فركب إليه فيمن معه ولبس درعا مكفرا بها ودخل على عبد الملك فتحدث ساعة. وقد كان عهد إلى يحيى بن الحكم إذا خرج إلى الصلاة أن يضرب عنقه. ثم أقبل عليه فقال له: أبا أمية ما هذه الغوائل والزبى التي تحفر لنا؟ ثم ذكره ما كان منه. وخرج إلى الصلاة ورجع ولم يقدم عليه يحيى فشتمه عبد الملك. ثم أقدم هو ومن معه على عمرو بن سعيد فقتله.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إسماعيل بن إبراهيم عن أبيه قال:
أقام عبد الملك تلك السنة فلم يغز مصعبا. وانصرف مصعب إلى الكوفة. فلما كان من قابل خرج مصعب من الكوفة حتى أتى باجميرا فنزلها. وبلغ ذلك عبد الملك فتهيأ للخروج إليه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة أبو علقمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن رجاء بن حيوة قال: لما أجمع عبد الملك المسير إلى مصعب تهيأ لذلك وخرج في جند كثير من أهل الشام. وسار عبد الملك وسار مصعب حتى التقيا بمسكن. ثم خرجوا للقتال. واصطف القوم بعضهم لبعض. فخذلت ربيعة وغيرها مصعبا فقال: المرء ميت على كل حال. فو الله لأن يموت كريما أحسن من أن يضرع إلى من قد وتره.
لا أستعين بهم أبدا ولا بأحد من الناس. ثم قال لابنه عيسى: تقدم فقاتل. فدنا ابنه فقاتل حتى قتل. وتقدم إبراهيم بن الأشتر فقاتل قتالا شديدا وكثره القوم فقتل.
ثم صاروا إلى مصعب وهو على سرير له فقاتلهم قتالا شديدا وهو على السرير حتى قتل. وجاء عبيد الله بن زياد بن ظبيان فاحتز رأسه فأتى به عبد الملك فأعطاه ألف دينار فأبى أن يأخذها. ثم دعا عبد الملك أهل العراق إلى البيعة له فبايعوه وانصرف إلى الشام.