كان الزهري يقدح أبدا عند هشام بن عبد الملك في خلع الوليد بن يزيد ويعيبه.
ويذكر أمورا عظيمة لا ينطق بها. حتى يذكر الصبيان أنهم يخضبون بالحناء. ويقول لهشام: ما يحل لك إلا خلعه. فكان هشام. لا يستطيع ذلك. للعقد الذي عقد له. ولا يسوؤه ما يصنع الزهري رجاء أن يؤلب ذلك الناس عليه. قال أبو الزناد: فكنت يوما عند هشام في ناحية الفسطاط وأسمع ذرؤ كلام الزهري في الوليد وأنا أتغافل. فجاء الحاجب. فقال: هذا الوليد على الباب. فقال: أدخله. فأدخله. فأوسع له هشام على فراشه وأنا أعرف في وجه الوليد الغضب والشر. فلما استخلف الوليد بعث إلي وإلى عبد الرحمن بن القاسم. وابن المنكدر. وربيعة. فأرسل إلي ليلة مخليا بي فقدم العشاء. فقال لي بعد حديث: يا بن ذكوان. أرأيت يوم دخلت على الأحول وأنت عنده. والزهري يقدح في؟ أتحفظ من كلامه يومئذ شيئا؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أذكر يوم دخلت. وأنا أعرف الغضب في وجهك قال: كان الخادم الذي رأيت على رأس هشام نقل ذلك كله إلي وأنا على الباب قبل أن أدخل إليكم.
وأخبرني أنك لم تنطق فيه بشيء. قال: قلت: نعم. لم أنطق فيه بشيء يا أمير المؤمنين. قال: قد كنت عاهدت الله تعالى لئن أمكنتني القدرة بمثل هذا اليوم أن أقتل الزهري فقد فاتني.
أخبرنا محمد بن عمر. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري. قال:
كان عمي الزهري قد اتعد هو وابن هشام أن مات هشام بن عبد الملك أن يلحقا بجبل الدخان. فمات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة قبل هشام بن عبد الملك بأشهر. وكان الوليد بن يزيد يتلهف لو قبض عليه.
وقال محمد بن عمر: ولد الزهري سنة ثمان وخمسين في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان وهي السنة التي ماتت فيها عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان الزهري قد قدم في سنة أربع وعشرين ومائة إلى أمواله بثلية بشغب وبدا. فأقام فيها. فمرض هناك فمات. فأوصى أن يدفن على قارعة الطريق. ومات لسبع عشرة ليلة من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة. وهو ابن خمس وسبعين سنة.
قال: وأخبرنا الحسين بن المتوكل العسقلاني. قال: رأيت قبر الزهري بأدامى وهي خلف شغب وبدا. وهي أول عمل فلسطين. وآخر عمل الحجاز وبها ضيعة الزهري الذي كان فيها. ورأيت قبره مسنما مجصصا أبيض. قالوا: وكان الزهري ثقة