كبيرة من الفقهاء وأهل العلم. فلم يزل بالبصرة شهر رمضان وشوال. فلما بلغه قتل أخيه محمد بن عبد الله بن حسن تأهب واستعد وخرج يريد أبا جعفر المنصور بالكوفة.
فكتب أبو جعفر إلى عيسى بن موسى يعلمه ذلك ويأمره أن يقبل إليه. فوافاه رسول أبي جعفر وكتابه وقد أحرم بعمرة فرفضها وأقبل إلى إبراهيم بن عبد الله بن حسن.
وأقبل إبراهيم بن عبد الله ومعه جماعة كبيرة من أفناء الناس أكثر من جماعة عيسى.
فالتقوا بباجميرى- وهي على ستة عشر فرسخا من الكوفة- فاقتتلوا قتالا شديدا.
وانهزم حميد بن قحطبة وكان على مقدمة عيسى بن موسى وانهزم الناس معه. فعرض لهم عيسى بن موسى يناشدهم الله والجماعة. فلا يلوون عليه. ويمرون منهزمين.
فأقبل حميد منهزما فقال له عيسى: يا حميد الله الله في الطاعة. فقال: لا طاعة في الهزيمة ومر. ومر الناس كلهم حتى لم يبق منهم أحد بين عيسى وموسى وعسكر إبراهيم. وثبت عيسى في مكانه الذي كان به. لا يزول وهو في مائة رجل من خاصته وحشمه فقيل له: أصلح الله الأمير لو تنحيت عن هذا المكان حتى يثوب إليك الناس فنكر بهم. فقال: لا أزول من مكاني هذا أبدا حتى أقتل أو يفتح الله علي. ولا يقال إنه انهزم. وأقبل إبراهيم بن عبد الله في عسكره يدنوا ويدنوا غبار عسكره حتى يراه عيسى بن موسى ومن معه. فبيناهم على ذلك إذا فارس قد أقبل. قد كر راجعا يجري نحو إبراهيم لا يعرج على شيء. فإذا هو حميد بن قحطبة قد غير لأمته وعصب رأسه بعصابة صفراء. وكر الناس يتبعونه حتى لم يبق أحد ممن كان انهزم إلا رجع كارا حتى خالطوا القوم. فقاتلوا قتالا شديدا حتى قتل الفريقان بعضهم بعضا وجعل حميد بن قحطبة يرسل بالرؤوس إلى عيسى بن موسى. إلى أن أتي برأس ومعه جماعة كثيرة. وصياح وضجة. فقالوا: رأس إبراهيم بن عبد الله فدعا عيسى بن موسى ابن أبي الكرام الجعفري. فأراه إياه. فقال: ليس به وجعلوا يقتتلون يومهم ذلك إلى أن جاء سهم عائر لا يدري من رمى به. فوقع في حلق إبراهيم بن عبد الله فنحره فتنحى عن موقفه. وقال: أنزلوني. فأنزل عن مركبه وهو يقول: وكان أمر الله قدرا مقدورا أردنا أمرا وأراد الله غيره. فأنزل إلى الأرض وهو مثخن. واجتمع عليه أصحابه وخاصته يحمونه ويقاتلون دونه. فرأى حميد اجتماعهم فأنكره. فقال لأصحابه: شدوا على تلك الجماعة حتى تزيلوهم عن موضعهم. وتعلموا ما اجتمعوا عليه. فشدوا عليهم. فقاتلوهم أشد القتال حتى أفرجوهم عن إبراهيم. وخلصوا إليه فحزوا رأسه.