لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها. فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه. ففعلوا ثم وفدهم على معاوية. وبعث بحجر وأصحابه إليه. وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية تسأله أن يخلي سبيلهم. فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي: يا أمير المؤمنين جدادها جدادها لا تعن بعد العام أبرأ. فقال معاوية: لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا علي كتاب زياد.
فقرئ عليه الكتاب. وجاء الشهود فشهدوا. فقال معاوية بن أبي سفيان: أخرجوهم إلى عذرى فاقتلوهم هنالك. قال فحملوا إليها. فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا:
عذراء. قال: الحمد لله. أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله. ثم أتي بي اليوم إليها مصفودا. ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله. ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين. فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما فقيل له: طولت. أجزعت؟ فانصرف فقال: ما توضأت قط إلا صليت. وما صليت صلاة قط أخف من هذه. ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا. وكانت عشائرهم جاؤوا بالأكفان وحفروا لهم القبور. ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهم أنا نستعديك على أمتنا فإن أهل العراق شهدوا علينا وإن أهل الشام قتلونا. قال فقيل لحجر: مد عنقك. فقال: إن ذاك لدم ما كنت لأعين عليه. فقدم فضربت عنقه. وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض فقتلهم. وكان أعور. فنظر إليه رجل منهم من خثعم فقال: إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا. قال فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا.
فقتل سبعة ونجا ستة. أو قتل ستة ونجا سبعة. قال وكانوا ثلاثة عشر رجلا. وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة. وقد قتلوا. فقال: يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان؟ فقال: غيبة مثلك عني من قومي. وقد كانت هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية. وكانت شيعية. قالت حين سير بحجر إلى معاوية: