لأنها كانت فيها حجارة سود. فلما نزلها عتبة بن غزوان ضرب قيروانه ونزلها وضرب المسلمون أخبيتهم وخيامهم. وضرب عتبة بن غزوان خيمة له من أكسية ثم رمى عمر ابن الخطاب بالرجال. فلما كثروا بني رهط منهم فيها سبع دساكر من لبن منها في الخريبة اثنتان وفي الزابوقة واحدة وفي بني تميم اثنتان وفي الأزد اثنتان. ثم إن عتبة خرج إلى فرات البصرة ففتحه ثم رجع إلى البصرة. وقد كان أهل البصرة يغزون جبال فارس مما يليها. وجاء كتاب عمر بن الخطاب إلى عتبة بن غزوان أن أنزلها بالمسلمين فيكونوا بها وليغزوا عدوهم من قريب. وكان عتبة خطب الناس وهي أول خطبة خطبها بالبصرة فقال: الحمد لله. أحمده وأستعينه. وأؤمن به وأتوكل عليه.
وأشهد أن لا إله إلا الله. وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد أيها الناس فإن الدنيا قد ولت حذاء وآذنت أهلها بوداع فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء. ألا وإنكم تاركوها لا محالة فاتركوها بخير ما بحضرتكم. ألا وإن من العجب أن يؤتى بالحجر الضخم فيلقى من شفير جهنم. فيهوي سبعين عاما. حتى يبلغ قعرها. والله لتملأن.
ألا وإن من العجب أن للجنة سبعة أبواب عرض ما بين جانبي الباب مسيره خمسين عاما. وأيم الله لتأتين عليها ساعة وهي كظيظة من الزحام. ولقد رأيتني مع رسول الله.
-صلى الله عليه وسلم-. سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق البشام وشوك القتاد حتى قرحت أشداقنا. ولقد التقطت بردة يومئذ فشققتها بيني وبين سعد بن أبي وقاص. ولقد رأيتنا بعد ذلك وما منا أيها الرهط السبعة إلا أمير على مصر من الأمصار. وإنه لم تكن نبوة إلا تناسخها ملك فأعوذ بالله أن يدركنا ذلك الزمان الذي يكون فيه السلطان ملكا وأعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما وفي أنفس الناس صغيرا. وستجربون الأمراء بعدنا وتجربون فتعرفون وتنكرون.
قال: فبينا عتبة على خطبته إذ أقبل رجل من ثقيف بكتاب من عمر إلى عتبة بن غزوان فيه: أما بعد. فإن أبا عبد الله الثقفي ذكر لي أنه اقتنى بالبصرة خيلا حين لا يقتنيها أحد فإذا جاءك كتابي هذا فأحسن جوار أبي عبد الله وأعنه على ما استعانك عليه. وكان أبو عبد الله أول من ارتبط فرسا بالبصرة واتخذها. ثم إن عتبة سار إلى ميسان وأبزقباذ فافتتحها. وقد خرج إليه المرزبان صاحب المذار في جمع كثير فقاتلهم فهزم الله المرزبان وأخذ المرزبان سلما فضرب عنقه وأخذ قباءه ومنطقته فيها الذهب والجوهر. فبعث ذلك إلى عمر بن الخطاب. فلما قدم سلب المرزبان المدينة