وألينهم عريكة. وأكرمهم عشرة. من رآه بديهة هابه. ومن خالطه معرفة أحبه. يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله -صلى الله عليه وسلم-.
أخبرنا سعيد بن منصور. أخبرنا خالد بن عبد الله عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال قيل لعلي: يا أبا حسن أنعت لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كان أبيض مشرب بياضه حمرة. أهدب الأشفار. أسود الحدقة.
لا قصيرا ولا طويلا. وهو إلى الطول أقرب. عظيم المناكب. في صدره مسربة. لا جعد ولا سبط. شثن الكف والقدم. إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد. كأن العرق في وجهه اللؤلؤ. لم أر قبله ولا بعده مثله -صلى الله عليه وسلم-.
أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي. حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن. فإني لأخطب يوما على الناس وحبر من أحبار اليهود واقف في يده سفر ينظر فيه. فنادى إلي فقال: صف لنا أبا القاسم! فقال علي. رضي الله عنه: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بالقصير ولا بالطويل البائن. وليس بالجعد القطط ولا بالسبط. هو رجل الشعر أسوده.
ضخم الرأس. مشرب لونه حمرة. عظيم الكراديس. شثن الكفين والقدمين. طويل المسربة. وهو الشعر الذي يكون في النحر إلى السرة. أهدب الأشفار. مقرون الحاجبين. صلت الجبين. بعيد ما بين المنكبين. إذا مشى يتكفأ كأنما ينزل من صبب. لم أر قبله مثله ولم أر بعده مثله. قال علي ثم سكت. فقال لي الحبر: وماذا؟
قال علي: هذا ما يحضرني. قال الحبر: في عينيه حمرة. حسن اللحية. حسن الفم.
تام الأذنين. يقبل جميعا ويدبر جميعا. فقال علي: هذه والله صفته! قال الحبر:
وشيء آخر. فقال علي: وما هو؟ قال الحبر: وفيه جنأ. قال علي: هو الذي قلت لك كأنما ينزل من صبب. قال الحبر: فإني أجد هذه الصفة في سفر آبائي ونجده يبعث من حرم الله وأمنه وموضع بيته ثم يهاجر إلى حرم يحرمه هو ويكون له حرمة كحرمة الحرم الذي حرم الله. ونجد أنصاره الذين هاجر إليهم قوما من ولد عمرو بن عامر أهل نخل وأهل الأرض قبلهم يهود. قال قال علي: هو هو! وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فقال الحبر: فإني أشهد أنه نبي الله وأنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة. فعلى ذلك أحيا وعليه أموت وعليه أبعث إن شاء الله. قال: فكان يأتي عليا فيعلمه القرآن ويخبره بشرائع الإسلام. ثم خرج علي والحبر هنالك حتى مات في خلافة أبي بكر وهو مؤمن