به ليس بمنزل. انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم فإني عالم بها وبقلبها. بها قليب قد عرفت عذوبة مائه لا ينزح. ثم نبني عليه حوضا فنشرب ونقاتل ونعور ما سواه من القلب. فنزل جبريل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: الرأي ما أشار به الحباب. فنهض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففعل ذلك. فكان الوادي دهسا. فبعث الله. تبارك وتعالى. السماء فلبدت الوادي ولم يمنع المسلمين من المسير. وأصاب المشركين من المطر ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه. وإنما بينهم قوز من الرمل. وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس. وبنى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عريش من جريد فدخله النبي وأبو بكر الصديق.
وقام سعد بن معاذ على باب العريش متوشحا بالسيف. فلما أصبح صف أصحابه قبل أن تنزل قريش. وطلعت قريش ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصفف أصحابه ويعدلهم كأنما يقوم بهم القدح. ومعه يومئذ قدح يشير به إلى هذا: تقدم. وإلى هذا: تأخر. حتى استووا. وجاءت ريح لم يروا مثلها شدة. ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى. ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى. فكانت الأولى جبريل عليه السلام. في ألف من الملائكة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والثانية ميكائيل عليه السلام. في ألف من الملائكة عن ميمنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وكان سيماء الملائكة عمائم قد أرخوها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر من نور.
والصوف في نواصي خيلهم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: إن الملائكة قد سومت فسوموا. فأعلموا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم. وكانت الملائكة يوم بدر على خيل بلق. قال: فلما اطمأن القوم بعث المشركون عمير بن وهب الجمحي.
وكان صاحب قداح. فقالوا احزر لنا محمدا وأصحابه. فصوب في الوادي وصعد ثم رجع فقال: لا مدد لهم ولا كمين. القوم ثلاثمائة إن زادوا زادوا قليلا. ومعهم سبعون بعيرا وفرسان. يا معشر قريش. البلايا تحمل المنايا. نواضح يثرب تحمل الموت الناقع. قوم ليست لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم. أما ترونهم خرسا لا يتكلمون.
يتلمظون تلمظ الأفاعي؟ والله ما أرى أن نقتل منهم رجلا حتى يقتل منا رجل. فإذا أصابوا منكم عددهم فما خير في العيش بعد ذلك. فروا رأيكم. فتكلم حكيم بن حزام ومشى في الناس. وأتى شيبة وعتبة وكانا ذوي تقية في قومهما فأشاروا على الناس بالانصراف. وقال عتبة: لا تردوا نصيحتي ولا تسفهوا رأيي. فحسده أبو جهل حين سمع كلامه. فأفسد الرأي وحرش بين الناس. وأمر عامر بن الحضرمي أن ينشد