الجيش فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الأخبار. فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع أمامك،. فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحم وصدع. فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثم قال:، اغزبسم الله في سبيل الله فقاتل من كفر بالله!، فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريش. فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين! فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:، أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة. ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله! وأيم الله إن كان للإمارة لخليقا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي. وإنهما لمخيلان لكل خير. واستوصوا به خيرا فإنه من خياركم!، ثم نزل فدخل بيته. وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول.
وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويمضون إلى العسكر بالجرف. وثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول:، أنفذوا بعث أسامة!، فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبي مغمور. وهو اليوم الذي لدوه فيه. فطأطأ أسامة فقبله ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة. قال: فعرفت أنه يدعو لي.
ورجع أسامة إلى معسكره ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مفيقا.
صلوات الله عليه وبركاته. فقال له:، أغد على بركة الله!، فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل. فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول: إن رسول الله يموت! فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله.
-صلى الله عليه وسلم-. وهو يموت فتوفي. صلى الله عليه صلاة يحبها ويرضاها. حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتي به باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغرزه عنده. فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة بن الحصيب