وهب بن زمعة عن أبيه: إن هاشما وعبد شمس والمطلب ونوفل بني عبد مناف أجمعوا أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار من الحجابة واللواء والرفادة والسقاية والندوة. ورأوا أنهم أحق به منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم. وكان الذي قام بأمرهم هاشم بن عبد مناف. فأبت بنو عبد الدار أن تسلم ذلك إليهم. وقام بأمرهم عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. فصار مع بني عبد مناف بن قصي بنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة وبنو الحارث بن فهر. وصار مع بني عبد الدار بنو مخزوم وسهم وجمح وبنو عدي بن كعب. وخرجت من ذلك بنو عامر بن لؤي ومحارب بن فهر فلم يكونوا مع واحد من الفريقين. فعقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا ألا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة.
فأخرجت بنو عبد مناف ومن صار معهم جفنة مملوءة طيبا فوضعوها حول الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعهدوا وتعاقدوا وتحالفوا ومسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم. فسموا المطيبين.
وأخرجت بنو عبد الدار ومن كان معهم جفنة من دم فغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا وتحالفوا ألا يتخاذلوا ما بل بحر صوفة. فسموا الأحلاف ولعقة الدم. وتهيأوا للقتال وعبئت كل قبيلة لقبيلة. فبينما الناس على ذلك إذ تداعوا إلى الصلح إلى أن يعطوا بني عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة. وتكون الحجابة واللواء ودار الندوة إلى بني عبد الدار كما كانت. ففعلوا وتحاجز الناس. فلم تزل دار الندوة في يدي بني عبد الدار حتى باعها عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي من معاوية بن أبي سفيان. فجعلها معاوية دار الإمارة. فهي في أيدي الخلفاء إلى اليوم.
قال: أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: فحدثني يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن أبيه قال: فاصطلحوا يومئذ أن ولي هاشم بن عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة. وكان رجلا موسرا. وكان إذا حضر الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريش إنكم جيران الله. وأهل بيته. وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته فهم ضيف الله. وأحق الضيف بالكرامة ضيفه. وقد خصكم الله بذلك وأكرمكم به. وحفظ منكم أفضل ما حفظ جار من جاره. فأكرموا ضيفه وزوره.