رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا ولعله أكثر له صحبة ومجالسة وسماعا من الذي حدث عنه.
ولكنا حملنا الأمر في ذلك منهم على التوقي في الحديث أو على أنه لم يحتج إليه لكثرة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى الاشتغال بالعبادة والأسفار في الجهاد في سبيل الله حتى مضوا ولم يحفظ عنهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء. وقد أحاطت المعرفة بصحبتهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولقيهم إياه. وليس كلهم كان يلزم النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم من أقام معه ولزمه وشهد معه المشاهد كلها. ومنهم من قدم عليه فرآه ثم انصرف إلى بلاد قومه. ومنهم من كان يقدم عليه الفينة بعد الفينة من منزله بالحجاز وغيره. وقد كتبنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كل من انتهى إلينا اسمه في المغازي من قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العرب ومن روى عنه منهم الحديث. وبينا من ذلك ما أمكن على ما بلغنا وروينا وليس كل العلم وعينا. ثم كان التابعون بعد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبناء المهاجرين والأنصار وغيرهم فيهم فقهاء وعلماء وعندهم رواية الحديث والآثار والفقه والفتوى. ثم مضوا وخلف بعدهم طبقة أخرى ثم طبقات بعد إلى زماننا هذا. وقد فصلنا ذلك وبيناه.