فقال: أخبرني عن عمر. فقال: أنت أخبرنا به. فقال: على ذلك يا أبا عبد الله. فقال عثمان: اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله. فقال أبو بكر:
يرحمك الله. والله لو تركته ما عدوتك. وشاور معهما سعيد بن زيد أبا الأعور وأسيد بن الحضير وغيرهما من المهاجرين والأنصار فقال أسيد: اللهم أعلمه الخيرة بعدك. يرضى للرضي ويسخط للسخط. الذي يسر خير من الذي يعلن. ولم يل هذا الأمر أحد أقوى عليه منه. وسمع بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بدخول عبد الرحمن وعثمان على أبي بكر وخلوتهما به فدخلوا به فدخلوا على أبي بكر فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر؟ لعمر علينا وقد ترى غلظته؟ فقال أبو بكر: أجلسوني. أبالله تخوفوني؟ خاب من تزود من أمركم بظلم. أقول اللهم استخلفت عليهم خير أهلك.
أبلغ عني ما قلت لك من وراءك. ثم اضطجع ودعا عثمان بن عفان فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجا منها وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب. إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا. وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرا. فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه. وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب من الإثم. والخير أردت ولا أعلم الغيب. سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. والسلام عليكم ورحمة الله. ثم أمر بالكتاب فختمه. ثم قال بعضهم لما أملى أبو بكر صدر هذا الكتاب: بقي ذكر عمر فذهب به قبل أن يسمي أحدا. فكتب عثمان: إني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب. ثم أفاق أبو بكر فقال: اقرأ علي ما كتبت. فقرأ عليه ذكر عمر فكبر أبو بكر وقال: أراك خفت إن أقبلت نفسي في غشيتي تلك يختلف الناس فجزاك الله عن الإسلام مختوما ومعه عمر بن الخطاب وأسيد بن سعيد القرظي فقال عثمان للناس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم. وقال بعضهم: قد علمنا به. قال ابن سعد: علي القائل وهو عمر. فأقروا بذلك جميعا ورضوا به وبايعوا ثم دعا أبو بكر عمر خاليا فأوصاه بما أوصاه به. ثم خرج من عنده فرفع أبو بكر يديه مدا فقال: اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم به واجتهدت لهم رأيي فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم وأحرصهم على ما أرشدهم وقد حضرني من أمرك ما حضر فاخلفني فيهم فهم عبادك ونواصيهم بيدك أصلح لهم وإليهم واجعله من