الغرث. وقالت أمه: يا ظئر سلي عن ابنك فإنه سيكون له شأن. وأخبرتها ما رأت وما قيل لها فيه حين ولدته. وقالت: قيل لي ثلاث ليال: استرضعي ابنك في بني سعد بن بكر. ثم في آل أبي ذؤيب. قالت حليمة: فإن أبا هذا الغلام الذي في حجري أبو ذؤيب. وهو زوجي. فطابت نفس حليمة وسرت بكل ما سمعت. ثم خرجت به إلى منزلها. فحدجوا أتانهم. فركبتها حليمة وحملت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين يديها وركب الحارث شارفهم فطلعا على صواحبها بوادي السرر. وهن مرتعات وهما يتواهقان.
فقلن: يا حليمة ما صنعت؟ فقالت: أخذت والله خير مولود رأيته قط وأعظمهم بركة.
قال النسوة: أهو ابن عبد المطلب؟ قالت: نعم! قالت: فما رحلنا من منزلنا ذلك حتى رأيت الحسد من بعض نسائنا.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: وذكر بعض الناس أن حليمة لما خرجت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بلادها قالت آمنة بنت وهب:
أعيذه بالله ذي الجلال … من شر ما مر على الجبال
حتى أراه حامل الحلال … ويفعل العرف إلى الموالي
وغيرهم من حشوة الرجال
قال: أخبرنا محمد بن عمر عن أصحابه قال: مكث عندهم سنتين حتى فطم. وكأنه ابن أربع سنين. فقدموا به على أمه زائرين لها. وأخبرتها حليمة خبره وما رأوا من بركته. فقالت آمنة: ارجعي بابني فإني أخاف عليه وباء مكة. فو الله ليكونن له شأن! فرجعت به. ولما بلغ أربع سنين كان يغدو مع أخيه وأخته في البهم قريبا من الحي. فأتاه الملكان هناك فشقا بطنه واستخرجا علقة سوداء فطرحاها وغسلا بطنه بماء الثلج في طست من ذهب. ثم وزن بألف من أمته فوزنهم. فقال أحدهما للآخر:
دعه. فلو وزن بأمته كلها لوزنهم! وجاء أخوه يصيح بأمه: أدركي أخي القرشي! فخرجت أمه تعدو ومعها أبوه فيجدان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منتقع اللون. فنزلت به إلى آمنة بنت وهب وأخبرتها خبره وقالت: أنا لا نرده إلا على جدع آنفنا. ثم رجعت به أيضا فكان عندها سنة أو نحوها لا تدعه يذهب مكانا بعيدا. ثم رأت غمامة تظله إذا وقف وقفت. وإذا سار سارت. فأفزعها ذلك أيضا من أمره. فقدمت به إلى أمه لترده وهو ابن خمس سنين فأضلها في الناس فالتمسته فلم تجده. فأتت عبد المطلب فأخبرته. فالتمسه عبد المطلب فلم يجده. فقام عند الكعبة فقال: