بِخِلَافِ أَكْثَرِ مَفَاهِيمِ النُّصُوصِ، كَذَا فِي النَّهْرِ وَفِيهِ مِنْ الْحَدِّ الْمَفْهُومِ مُعْتَبَرٌ فِي الرِّوَايَاتِ اتِّفَاقًا، وَمِنْهُ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ لَا مَا لَا يُدْرَكُ بِهِ. اهـ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ حُدُودِ النِّهَايَةِ: الْمَفْهُومُ مُعْتَبَرٌ فِي نَصِّ الْعُقُوبَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥]- وَأَمَّا اعْتِبَارُهُ فِي الرِّوَايَةِ فَأَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ (إلَى الرُّسْغَيْنِ) بِالضَّمِّ، مِفْصَلُ الْكَفِّ بَيْن الْكُوعَ وَالْكُرْسُوعِ، وَأَمَّا الْبُوعُ فَفِي الرِّجْلِ. قَالَ:
وَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي ... لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ فِي الْوَسَطِ
وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رِجْلٍ مُلَقَّبٍ ... بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطِ
ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ رَفْعُ الْإِنَاءِ أَدْخَلَ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ
ــ
[رد المحتار]
يُطْلَبُ مِنْ حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَكْثَرِ مَفَاهِيمِ النُّصُوصِ) كَالْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ لِكَوْنِهَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَتَحْتَمِلُ فَوَائِدَ كَثِيرَةٍ تَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمَنْطُوقِ بِالذِّكْرِ؛ وَلِذَا تَرَى الْخَلَفَ يَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا مَا لَمْ يُدْرِكْهُ السَّلَفُ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ؛ فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَقَعُ فِيهَا تَفَاوُتُ الْأَنْظَارِ، وَالْمُرَادُ مَفَاهِيمُ الْمُخَالَفَةِ. أَمَّا مَفَاهِيمُ الْمُوَافَقَةِ فَمُعْتَبَرَةٌ مُطْلَقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَيَّدَهُ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّ مِنْ النُّصُوصِ مَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ كَنَصِّ الْعُقُوبَةِ، كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ مِنْ الْحَدِّ) أَيْ فِي النَّهْرِ مِنْ كِتَابِ الْحَدِّ عِنْدَ ذِكْرِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: فِي الرِّوَايَاتِ) أَيْ عَنْ الْأَئِمَّةِ، وَالْمُرَادُ فِي أَكْثَرِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ اتِّفَاقًا ط (قَوْلُهُ: تَقْيِيدُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فِي أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ ط (قَوْلُهُ: بِمَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ) أَيْ مَا لِلْعَقْلِ فِيهِ مَجَالٌ وَتَصَرُّفٌ ط (قَوْلُهُ: لَا مَا لَمْ يُدْرَكْ بِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَرْفُوعُ نَصٌّ، وَالنَّصُّ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ ط قَوْلُ، وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى تَقْلِيدِ الصَّحَابَةِ فِيمَا لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ كَمَا فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ، قَالُوا: إنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَخْذًا بِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لِتَعَيُّنِ جِهَةِ السَّمَاعِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ) لِأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ ذَكَرُوا مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى جَوَازِ رُؤْيَتِهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ هَذِهِ الْآيَةَ؛ حَيْثُ جَعَلَ الْحَجْبَ عَنْ الرُّؤْيَةِ عُقُوبَةً لِلْفُجَّارِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُحْجَبُونَ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً لِلْفُجَّارِ (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ) يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ عَنْ النَّهْرِ، وَمِنْ غَيْرِ الْأَكْثَرِ مَا مَرَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْهِدَايَةِ بِالْمُسْتَيْقِظِ (قَوْلُهُ: إلَى الرُّسْغَيْنِ) تَثْنِيَةُ رُسْغٍ بِالسِّينِ وَالصَّادِ، وَبِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ بِضَمَّتَيْنِ، أَفَادَهُ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ:: مِفْصَلُ الْكَفِّ) عَلَى وَزْنِ مِنْبَرٍ: مُلْتَقَى الْعَظْمَاتِ مِنْ الْجَسَدِ قَامُوسٌ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ يَصْدُقُ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ؛ فَلِذَا سَاغَ تَفْسِيرُ الْمُثَنَّى بِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الشَّاعِرُ، وَتَسَاهَلُوا فِي حَذْفِ فَاعِلِهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ النَّظْمَ إلَّا شَاعِرٌ ط (قَوْلُهُ: لِخِنْصَرِهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ ط (قَوْلُهُ: فِي الْوَسَطِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا وَسَطَ: أَيْ مَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَخُذْ بِالْعِلْمِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَوْ أَصْلِيَّةٌ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ: أَيْ خُذْ هَذِهِ الْمَسَائِلَ بِعِلْمٍ لَا بِظَنٍّ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي الْغَلَطِ، أَوْ ضَمَّنَ خُذْ مَعْنَى الظَّفْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي فِي الْأَخْبَارِ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ أَوَّلِ الْكَلَامِ.
وَفِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَ الشَّارِحُ الْخَفِيَّ مِنْهُ وَتَرَكَ الظَّاهِرَ. قَالَ فِي النَّهْرِ: ثُمَّ كَيْفِيَّةُ هَذَا الْغَسْلِ أَنَّ الْإِنَاءَ إنْ أَمْكَنَ رَفْعُهُ غَسَلَ الْيُمْنَى ثُمَّ الْيُسْرَى ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَكِنْ مَعَهُ إنَاءٌ صَغِيرٌ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا أَدْخَلَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى مَضْمُومَةً دُونَ الْكَفِّ وَصَبَّ عَلَى الْيُمْنَى ثُمَّ يُدْخِلُهَا وَيَغْسِلُ الْيُسْرَى اهـ. وَفِي الْبَحْرِ قَالُوا: يُكْرَهُ إدْخَالُ الْيَدِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ الْغَسْلِ لِلْحَدِيثِ، وَهِيَ كَرَاهَةٌ تَنْزِيهٌ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ مَصْرُوفٌ عَنْ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» فَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ إذَا كَانَ مَعَهُ إنَاءٌ صَغِيرٌ، فَلَا يُدْخِلُ الْيَدَ أَصْلًا، وَفِي