للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضْمُومَةً وَصَبَّ عَلَيْهَا الْيُمْنَى لِأَجْلِ التَّيَامُنِ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَفَّ إنْ أَرَادَ الْغُسْلَ صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَإِنْ أَرَادَ الِاغْتِرَافَ لَا، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاغْتِرَافُ بِشَيْءٍ وَيَدَاهُ نَجِسَتَانِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَمْ يُعِدْ. (وَهُوَ) سُنَّةٌ كَمَا أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ (يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ)

ــ

[رد المحتار]

الْكَبِيرِ عَلَى إدْخَالِ الْكَفِّ، كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَغَيْرِهِ، وَفِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ: يُكْرَهُ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ الَّذِي أَدْخَلَ الْمُسْتَيْقِظُ يَدَهُ فِيهِ؛ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ كَالْمَاءِ الَّذِي أَدْخَلَ الصَّبِيُّ يَدَهُ فِيهِ. اهـ.

أَقُولُ: وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَامَ مُسْتَنْجِيًا وَلَا نَجَاسَةَ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ إدْخَالُ يَدِهِ وَلَا الْوُضُوءُ مِمَّا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ النَّجَاسَةِ، تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَصَبَّ عَلَى الْيُمْنَى) أَيْ ثُمَّ يُدْخِلُهَا وَيَغْسِلُ الْيُسْرَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ التَّيَامُنِ) فِيهِ جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ: لَا حَاجَةَ إلَى الصَّبِّ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ كَفَّيْهِ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ بِمَا صَبَّهُ عَلَى الْكَفِّ الْيُمْنَى كَمَا هُوَ الْعَادَةُ. وَرَدَّهُ فِي الدُّرَرِ بِأَنَّ فِيهِ تَرْجِيحًا لِعَادَةِ الْعَوَّامِ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ: أَيْ لِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ الْبُدَاءَةُ بِالْيَمِينِ، وَبِأَنَّ نَقْلَ الْبِلَّةِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ إحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ. اهـ.

أَقُولُ: لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُ نَصَّ غَيْرُ عُلَمَائِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ هُنَا كَمَا فِي غَسْلِ الْخَدَّيْنِ وَالْمَنْخَرَيْنِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُقَدِّمُ الْيَمِينَ مِنْهُمَا، وَالْقَوَاعِدُ لَا تَنْبُو عَنْهُ اهـ مُلَخَّصًا، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ نَقْلِ الْبِلَّةِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ نَقْلَ الْبِلَّةِ يَجُوزُ هُنَا بِدَلِيلِ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، فَتَكُونُ حِينَئِذٍ عَادَةُ الْعَوَّامِ مُوَافَقَةً لِعُرْفِ الشَّرْعِ؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُمَا مَعًا لِلِاتِّبَاعِ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَفَّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: أَدْخَلَ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ (قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ الْغَسْلَ) أَيْ غَسْلَ الْكَفِّ (قَوْلُهُ: صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا) أَيْ الْمَاءُ الْمُلَاقِي لِلْكَفِّ إذَا انْفَصَلَ لَا جَمِيعُ الْمَاءِ بَحْرٌ، وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ سَيَأْتِي فِي بَحْثِ الْمُسْتَعْمَلِ (قَوْلُهُ: لَا) أَيْ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمِلًا؛ وَمِثْلُهُ إذَا وَقَعَ الْكُوزُ فِي الْجُبِّ فَأَدْخَلَ يَدَهُ إلَى الْمَرَافِقِ بَحْرٌ، وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ وُجِدَتْ عِلَّةٌ الِاسْتِعْمَالِ وَهِيَ رَفْعُ الْحَدَثِ كَمَا أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاغْتِرَافُ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ: لَوْ يَدَاهُ نَجِسَتَانِ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالِاغْتِرَافِ وَالصَّبِّ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَدْخَلَ مِنْدِيلًا فَيَغْسِلُ بِمَا تَقَاطَرَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَفَعَ الْمَاءَ بِفِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي مَسْأَلَةِ رَفْعِ الْمَاءِ بِفِيهِ اخْتِلَافٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمِلًا وَهُوَ يُزِيلُ الْخَبَثَ اهـ: أَيْ فَيُزِيلُ مَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْخَبَثِ ثُمَّ يَغْسِلُهُمَا لِلْوُضُوءِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: وَهُوَ سُنَّةٌ) أَرَادَ بِهَا مُطْلَقَهَا الشَّامِلَ لِلْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا ح: أَيْ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الْفَاتِحَةَ) أَيْ قِرَاءَتَهَا وَاجِبَةٌ وَتَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ سُنَّةٌ تَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ هُوَ مَا اخْتَارَهُ فِي الْكَافِي وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَدْرُ كَلَامِهِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْبُدَاءَةِ بِغَسْلِ يَدَيْهِ؛ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اخْتِيَارِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضٌ، وَتَقْدِيمُهُ سُنَّةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْخَبَّازِيَّةِ وَالسِّرَاجِ؛ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ يَدَيْهِ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا ثَانِيًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّهُ سُنَّةٌ لَا تَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ فَيُعِيدُ غَسْلَهُمَا. وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّطْهِيرُ وَقَدْ حَصَلَ. وَأَجَابَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ النَّابُلُسِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ النِّيَابَةِ مِنْ حَيْثُ ثَوَابُ الْفَرْضِ لَوْ أَتَى بِهِ مُسْتَقِلًّا قَصْدًا إذْ السُّنَّةُ لَا تُؤَدِّيه وَيُؤَدِّيه اتِّفَاقُهُمْ عَلَى سُقُوطِ الْحَدَثِ بِلَا نِيَّةٍ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>