يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي جَعْلُ نَحْوِ نَعْلِهِ خَلْفَهُ لِشَغْلِ قَلْبِهِ.
(وَإِذَا نَفَرَ) الْحَاجُّ (إلَى مَكَّةَ نَزَلَ) اسْتِنَانًا وَلَوْ سَاعَةً (بِالْمُحَصَّبِ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ: الْأَبْطُحُ، وَلَيْسَتْ الْمَقْبَرَةُ مِنْهُ
(ثُمَّ) إذَا أَرَادَ السَّفَرَ (طَافَ لِلصَّدِّ) أَيْ الْوَدَاعِ (سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ بِلَا رَمَلٍ وَسَعْيٍ، وَهُوَ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ) وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ فَلَا يَجِبُ بَلْ يُنْدَبُ كَمَنْ مَكَثَ بَعْدَهُ؛ ثُمَّ النِّيَّةُ لِلطَّوَافِ شَرْطٌ؛ فَلَوْ طَافَ هَارِبًا أَوْ طَالِبًا لَمْ يَجُزْ لَكِنْ يَكْفِي أَصْلُهَا، فَلَوْ طَافَ بَعْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ وَنَوَى التَّطَوُّعَ أَجْزَأَهُ عَنْ الصَّدْرِ كَمَا لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ
ــ
[رد المحتار]
خَلْفَهُ وَيُصَلِّيَ مِثْلَ النَّعْلِ وَشِبْهِهِ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ خَاطِرَهُ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَاعَةً) يَقِفُ فِيهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَدْعُوا سِرَاجٌ، فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ أَصْلُ السُّنَّةِ. وَأَمَّا الْكَمَالُ فَمَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَهْجَعُ هَجْعَةً ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ بَحْرٌ. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْقَارِي: وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسَعُ الْحَاجَّ جَمِيعَهُمْ، وَيَنْبَغِي لِأُمَرَاءِ الْحَجِّ وَكَذَا غَيْرُهُمْ أَنْ يَنْزِلُوا فِيهِ وَلَوْ سَاعَةً إظْهَارًا لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ الْأَبْطُحُ) وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْبَطْحَاءُ وَالْخَيْفُ قَارِي. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ فِنَاءُ مَكَّةَ، حَدُّهُ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِالْمَقَابِرِ إلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ لِذَلِكَ مُصَعِّدًا فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إلَى مِنًى مُرْتَفِعًا عَنْ بَطْنِ الْوَادِي
(قَوْلُهُ ثُمَّ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ) أَتَى بِثُمَّ وَمَا بَعْدَهَا إشَارَةً إلَى مَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهِ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ إذَا كَانَ عَلَى عَزْمِ السَّفَرِ، حَتَّى لَوْ طَافَ كَذَلِكَ ثُمَّ أَطَالَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَتَّخِذْهَا دَارًا جَازَ طَوَافُهُ وَلَا آخِرَ لَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ، بَلْ لَوْ أَقَامَ عَامًا لَا يَنْوِي الْإِقَامَةَ فَلَهُ أَنْ يَطُوفَ، وَيَقَعُ أَدَاءً، نَعَمْ الْمُسْتَحَبُّ إيقَاعُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ. اهـ.
وَفِي اللُّبَابِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَلَوْ سِنِينَ، وَيَسْقُطُ بِنِيَّةِ الِاسْتِيطَانِ بِمَكَّةَ أَوْ بِمَا حَوْلَهَا قَبْلَ حِلِّ النَّفْرِ الْأَوَّلِ: أَيْ قَبْلَ ثَالِثِ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَلَوْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ بَعْدَهُ لَا يَسْقُطُ، وَإِنْ نَوَاهُ قَبْلَ النَّفْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ الْخُرُوجُ لَمْ يَجِبْ كَالْمَكِّيِّ إذَا خَرَجَ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي طَوَافِ الصَّدَرِ
(قَوْلُهُ أَيْ الْوَدَاعِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَهُوَ اسْمٌ لِهَذَا الطَّوَافِ أَيْضًا، وَيُسَمَّى أَيْضًا طَوَافَ آخِرِ الْعَهْدِ وَأَمَّا الصَّدَرُ فَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ: رُجُوعُ الْمُسَافِرِ مِنْ مَقْصِدِهِ وَالشَّارِبِ مِنْ مَوْرِدِهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ بِلَا رَمَلٍ وَسَعْيٍ) أَيْ إنْ كَانَ فَعَلَهُمَا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ الصَّدَرِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاجِبٌ) فَلَوْ نَفَرَ وَلَمْ يَطُفْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِيَطُوفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ إرَاقَةِ الدَّمِ وَالرُّجُوعِ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ بِعُمْرَةٍ مُبْتَدِئًا بِطَوَافِهَا ثُمَّ بِالصَّدَرِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى تَيْسِيرًا عَلَيْهِ وَنَفْعًا لِلْفُقَرَاءِ نَهْرٌ وَلُبَابٌ (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ) أَفَادَ وُجُوبَهُ عَلَى كُلِّ حَاجٍّ آفَاقِيٍّ مُفْرِدٍ أَوْ مُتَمَتِّعٍ أَوْ قَارِنٍ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُدْرِكًا مُكَلَّفًا غَيْرَ مَعْذُورٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَكِّيِّ، وَلَا عَلَى الْمُعْتَمِرِ مُطْلَقًا، وَفَائِتِ الْحَجِّ وَالْمُحْصَرِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءِ كَمَا فِي اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ) أَيْ مِمَّنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ، وَكَذَا مَنْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ قَبْلَ حِلِّ النَّفْرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْمَنْفِيُّ عَنْهُمْ إنَّمَا هُوَ وُجُوبُهُ لَا نَدْبُهُ.
وَقَدْ قَالَ الثَّانِي أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَطُوفَ الْمَكِّيُّ طَوَافَ الصَّدَرِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِخَتْمِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي حَقِّهِمْ (قَوْلُهُ كَمَنْ مَكَثَ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إيقَاعُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَوْ طَافَ) أَيْ دَارَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ أَصْلًا (قَوْلُهُ أَوْ طَالِبًا) أَيْ لِغَرِيمٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَكْفِي أَصْلُهَا) أَيْ أَصْلُ نِيَّةِ الطَّوَافِ بِلَا لُزُومِ تَعْيِينِ كَوْنِهِ لِلصَّدَرِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا تَعْيِينِ وُجُوبٍ أَوْ فَرْضِيَّةٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ طَافَ إلَخْ) الْحَاصِلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافًا فِي وَقْتِهِ وَقَعَ عَنْهُ، نَوَاهُ بِعَيْنِهِ أَوَّلًا أَوْ نَوَى طَوَافًا آخَرَ، وَمِنْ فُرُوعِهِ لَوْ قَدِمَ مُعْتَمِرًا وَطَافَ وَقَعَ عَنْ الْعُمْرَةِ، أَوْ حَاجًّا وَطَافَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَعَ لِلْقُدُومِ، أَوْ قَارِنًا وَطَافَ طَوَافَيْنِ وَقَعَ الْأَوَّلُ عَنْ الْعُمْرَةِ وَالثَّانِي لِلْقُدُومِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَقَعَ لِلزِّيَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute