للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، وَدَلْكُ أَعْضَائِهِ) فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (وَإِدْخَالُ خِنْصَرِهِ) الْمَبْلُولَةِ (صِمَاخَ أُذُنَيْهِ) عِنْدَ مَسْحِهِمَا (وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ) ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَاعِدَةِ الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ،

ــ

[رد المحتار]

وَمِلْءُ آنِيَتِهِ اسْتِعْدَادًا، وَالِامْتِخَاطُ بِالْيُسْرَى؛ وَالتَّأَنِّي، وَإِمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ، وَالدَّلْكُ اهـ لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ سُنَّةٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا قَبْلَهُ إمْرَارُهَا عَلَيْهِ مَبْلُولَةً قَبْلَ الْغَسْلِ، تَأَمَّلْ.

زَادَ فِي الْبَحْرِ وَغَسْلُ مَا تَحْتَ الْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ، وَالتَّوَضُّؤُ فِي مَكَان طَاهِرٍ؛ لِأَنَّ لِمَاءِ الْوُضُوءِ حُرْمَةٌ وَالْبَدْءُ بِأَعْلَى الْوَجْهِ وَأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَمُقَدَّمِ الرَّأْسِ، لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ سُنَّةٌ. وَزَادَ فِي الْإِمْدَادِ: وَدُخُولُهُ الْخَلَاءَ مَسْتُورَ الرَّأْسِ، وَعَدَمُ التَّوَضُّؤِ بِمَاءٍ مُشَمَّسٍ، وَأَنْ لَا يَسْتَخْلِصَ إنَاءً لِنَفْسِهِ، وَتَرْكُ النَّظَرِ لِلْعَوْرَةِ، وَإِلْقَاءُ الْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ فِي الْمَاءِ، وَأَنْ لَا يَنْقُصُهُ عَنْ مُدٍّ، وَغَسْلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ بِالْيُمْنَى. وَزَادَ فِي الْمُنْيَةِ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ وَعَدَمُ نَفْخِهِ فِي الْمَاءِ حَالَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَالتَّشَهُّدُ عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ.

وَزَادَ فِي الْخَزَائِنِ وَتَرْكُ التَّكَلُّمِ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَتَرْكُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الْخَلَاءِ، وَاسْتِقْبَالُ عَيْنِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَاسْتِدْبَارهمَا وَتَرْكُ مَسِّ فَرْجِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَسَارِ، وَمَسْحُهَا بَعْدَهُ عَلَى نَحْوِ حَائِطٍ، وَغَسْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَرَشُّ الْمَاءِ عَلَى الْفَرْجِ وَعَلَى السِّرْوَالِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالتَّوَضُّؤِ مِنْ مُتَوَضَّأِ الْعَامَّةِ، وَإِفْرَاغُ الْمَاءِ بِيَمِينِهِ فَقَدْ بَلَغَتْ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَقَدَّمْنَا أَنَّ تَرْكَ الْمَنْدُوبِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا فَيُزَادُ تَرْكُ مَا يُكْرَهُ فِعْلُهُ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا مَرَّ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ آدَابِ الْوُضُوءِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مِنْ آدَابِ مُقَدَّمَاتِهِ وَبِهَذَا تَزِيدُ عَلَى مَا ذُكِرَ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّهُ بَقِيَ لِلِاسْتِنْجَاءِ آدَابٌ كَثِيرَةٌ سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: وَدَلْكُ أَعْضَائِهِ) عَلِمْت مَا فِيهِ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى عَزَاهُ فِي النَّهْرِ إلَى الْمُنْيَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُنْيَةِ هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْغُسْلِ وَعَلَّلَهُ فِي الشَّرْحِ بِقَوْلِهِ لِيَعُمَّ الْمَاءُ الْبَدَنَ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُهُ إلَخْ) لِأَنَّ فِيهِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ، وَمُنْتَظِرُ الصَّلَاةِ كَمَنْ هُوَ فِيهَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَطْعُ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ تَثْبِيطِهِ عَنْهَا شَرْحُ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ.

وَفِي الْحِلْيَةِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ مِنْ آدَابِ الصَّلَاةِ لَا الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْوَقْتِ. مَطْلَبٌ الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ إلَّا فِي مَسَائِلَ

(قَوْلُهُ: الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ قَاعِدَةِ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ) هَذَا الْأَصْلُ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ لِأَنَّا إذَا حَكَمْنَا عَلَى مَاهِيَّةٍ بِأَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ مَاهِيَّةٍ أُخْرَى؛ كَالرَّجُلِ خَيْرٌ مِنْ الْمَرْأَةِ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَفْضُلَهَا الْأُخْرَى بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إذَا فَضَلَ الْمَرْأَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ رَجُلٌ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَفْضُلَهُ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا غَيْرُ الرَّجُلِ وَإِلَّا تَتَكَاذَبُ الْقَضِيَّتَانِ، وَهَذَا بَدِيهِيٌّ، نَعَمْ قَدْ تَفْضُلُ الْمَرْأَةُ رَجُلًا مَا مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ. اهـ. حَمَوِيٌّ. أَقُولُ: فَعَلَى هَذَا لَا اسْتِثْنَاءَ حَقِيقَةً لِاخْتِلَافِ جِهَةِ الْأَفْضَلِيَّةِ.

بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ يُسَاوِي الْوَاقِعَ بَعْدَهُ مِنْ حَيْثُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ وَسُقُوطُ الْوَاجِبِ بِهِ، وَإِنَّمَا لِلْأَوَّلِ فَضِيلَةُ التَّقْدِيمِ، وَكَذَا إنْظَارُ الْمُعْسِرِ وَاجِبٌ دَفْعًا لِأَذَاهُ بِالْمُطَالَبَةِ وَفِي إبْرَائِهِ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةِ إسْقَاطِ الدَّيْنِ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلِلْإِبْرَاءِ زِيَادَةُ فَضِيلَةِ الْإِسْقَاطِ، وَكَذَلِكَ إفْشَاءُ السَّلَامِ سُنَّةٌ لِإِظْهَارِ التَّوَادِّ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي رَدِّهِ ذَلِكَ أَيْضًا، لَكِنْ وَجَبَ الرَّدُّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالتَّبَاغُضِ، فَإِفْشَاؤُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ ابْتِدَاءُ الْمُفْشِي ي لَهُ بِإِظْهَارِ الْمَوَدَّةِ فَلَهُ فَضِيلَةُ التَّقَدُّمِ؛ فَفِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ إنَّمَا فُضِّلَ النَّفَلُ عَلَى الْفَرْضِ لَا مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِيَّةِ بَلْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَصَوْمِ الْمُسَافِرِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ أَشَقُّ مِنْ صَوْمِ الْمُقِيمِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مَعَ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَكَالتَّبْكِيرِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>