وَوَرَعًا وَجَمَالًا وَهَلْ يُكْرَهُ الزِّفَافُ الْمُخْتَارُ لَا إذَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مُفْسِدَةٍ دِينِيَّةٍ.
(وَيَنْعَقِدُ) مُتَلَبِّسًا (بِإِيجَابٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (وَقَبُولٍ) مِنْ الْآخِرِ (وَضْعًا لِلْمُضِيِّ) لِأَنَّ الْمَاضِيَ أَدَلُّ عَلَى التَّحْقِيقِ (كَزَوَّجْتُ) نَفْسِي أَوْ بِنْتِي أَوْ مُوَكِّلَتِي مِنْك
ــ
[رد المحتار]
فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا، وَأَنْقَى أَرْحَامًا، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» وَلَا يَتَزَوَّجُ طَوِيلَةً مَهْزُولَةً، وَلَا قَصِيرَةً دَمِيمَةً؛ وَلَا مُكْثِرَةً، وَلَا سَيِّئَةَ الْخُلُقِ، وَلَا ذَاتَ الْوَلَدِ، وَلَا مُسِنَّةً لِلْحَدِيثِ «سَوْدَاءُ وَلُودٌ خَيْرٌ مِنْ حَسْنَاءَ عَقِيمٍ» وَلَا يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ مَعَ طَوْلِ الْحُرَّةِ وَلَا زَانِيَةً، وَالْمَرْأَةُ تَخْتَارُ الزَّوْجَ الدَّيِّنَ الْحَسَنَ الْخُلُقِ الْجَوَادَ الْمُوسِرَ، وَلَا تَتَزَوَّجُ فَاسِقًا، وَلَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الشَّابَّةَ شَيْخًا كَبِيرًا وَلَا رَجُلًا دَمِيمًا وَيُزَوِّجُهَا كُفُؤًا، فَإِنْ خَطَبَهَا الْكُفْءُ لَا يُؤَخِّرُهَا وَهُوَ كُلُّ مُسْلِمٍ تَقِيٍّ وَتَحْلِيَةُ. الْبَنَاتِ بِالْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ لِيَرْغَبَ فِيهِنَّ الرِّجَالُ سُنَّةٌ وَلَا يَخْطُبُ مَخْطُوبَةَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ جَفَاءٌ وَخِيَانَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ يُكْرَهُ الزِّفَافُ) هُوَ بِالْكَسْرِ كَكِتَابٍ إهْدَاءُ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا قَامُوسٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ عُرْفًا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَارُ لَا إلَخْ) هَذَا فِي الْفَتْحِ مُسْتَدِلًّا لَهُ بِمَا مَرَّ مِنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ، وَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ زَفَفْنَا امْرَأَةً إلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا يَكُونُ مَعَهُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمْ اللَّهْوُ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ» وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: الْمُرَادُ بِالدُّفِّ مَا لَا جَلَاجِلَ لَهُ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: ضَرْبُ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْغِنَاءِ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ كَضَرْبِ الدُّفِّ.
(قَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: الْعَقْدُ رَبْطُ أَجْزَاءِ التَّصَرُّفِ أَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ شَرْعًا لَكِنْ هُنَا أُرِيدَ بِالْعَقْدِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ الِارْتِبَاطُ لَكِنْ النِّكَاحُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعَ ذَلِكَ الِارْتِبَاطُ، إنَّمَا قُلْنَا هَذَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ يَعْتَبِرُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ أَرْكَانَ عَقَدَ النِّكَاحِ لَا أُمُورًا خَارِجِيَّةً كَالشَّرَائِطِ، وَقَدْ ذَكَرْت فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ فِي فَصْلِ النَّهْيِ أَنَّ الشَّرْعَ يَحْكُمُ بِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ الْمَوْجُودَيْنِ حِسًّا يَرْتَبِطَانِ ارْتِبَاطًا حُكْمِيًّا، فَيَحْصُلُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ يَكُونُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي أَثَرًا لَهُ فَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْبَيْعُ، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعَ ذَلِكَ الِارْتِبَاطِ لِلشَّيْءِ لَا أَنَّ الْبَيْعَ مُجَرَّدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ آلَةٌ لَهُ كَمَا تَوَهَّمَ الْبَعْضُ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُمَا أَرْكَانًا يُنَافِي ذَلِكَ. اهـ. أَيْ يُنَافِي كَوْنَهُمَا آلَةً، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ جَعَلَ الْبَاءَ لِلْمُلَابَسَةِ كَمَا فِي بَنَيْت الْبَيْتَ بِالْحَجَرِ لَا لِلِاسْتِعَانَةِ، كَمَا فِي كَتَبْت بِالْقَلَمِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّكَاحَ وَالْبَيْعَ وَنَحْوَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ حِسًّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، لَكِنْ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا عُقُودًا مَخْصُوصَةً بِأَرْكَانٍ وَشَرَائِطَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ، تَنْتَفِي تِلْكَ الْعُقُودُ بِانْتِفَائِهَا وُجُودٌ شَرْعِيٌّ زَائِدٌ عَلَى الْحِسِّيِّ، فَلَيْسَ الْعَقْدُ الشَّرْعِيُّ مُجَرَّدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَا الِارْتِبَاطَ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَيَنْعَقِدُ أَيْ النِّكَاحُ أَيْ يَثْبُتُ وَيَحْصُلُ انْعِقَادُهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَحَدِهِمَا) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ مِنْ كَلَامِ الْعَاقِدِينَ إيجَابٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ كَلَامَ الزَّوْجِ، أَوْ كَلَامَ الزَّوْجَةِ وَالْمُتَأَخِّرَ قَبُولٌ ح عَنْ الْمِنَحِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَقْدِيمُ الْقَبُولِ، فَقَوْلُهُ: تَزَوَّجْت ابْنَتَك إيجَابٌ وَقَوْلُ الْآخَرِ زَوَّجْتُكهَا قَبُولٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَاضِيَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا اُخْتِيرَ لَفْظُ الْمَاضِي؛ لِأَنَّ وَاضِعَ اللُّغَةِ لَمْ يَضَعْ لِلْإِنْشَاءِ لَفْظًا خَاصًّا، وَإِنَّمَا عُرِفَ الْإِنْشَاءُ بِالشَّرْعِ وَاخْتِيَارُ لَفْظِ الْمَاضِي لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَالثُّبُوتِ دُونَ الْمُسْتَقْبَلِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ أَيْ تَحْقِيقِ وُقُوعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: كَزَوَّجْتُ نَفْسِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُوجِبُ أَصِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَقَوْلُهُ: مِنْكَ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ اسْتِقْصَاءَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلْإِيجَابِ، حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَ بِنْتِي ابْنِي، وَمِثْلُ مُوَكِّلَتِي مُوَكِّلِي، وَأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْك بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا أَوْ مِنْ مُوَلِّيَتِك أَوْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute