للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) يَقُولُ الْآخَرُ (تَزَوَّجْت، وَ) يَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِمَا) أَيْ بِلَفْظَيْنِ (وُضِعَ أَحَدُهُمَا لَهُ) لِلْمُضِيِّ (وَالْآخَرُ لِلِاسْتِقْبَالِ) أَوْ لِلْحَالِ، فَالْأَوَّلُ الْأَمْرُ (كَزَوِّجْنِي) أَوْ زَوِّجِينِي نَفْسَك أَوْ كُونِي امْرَأَتِي فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِيجَابٍ بَلْ هُوَ تَوْكِيلٌ ضِمْنِيٌّ (فَإِذَا قَالَ) فِي الْمَجْلِسِ (زَوَّجْت) أَوْ قَبِلْت أَوْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ بَزَّازِيَّةٌ قَامَ مَقَامَ الطَّرَفَيْنِ وَقِيلَ هُوَ إيجَابٌ

ــ

[رد المحتار]

مُوَكَّلَتِك بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا لِيَعُمَّ الِاحْتِمَالَاتِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ لِآخَرَ تَزَوَّجْت) أَيْ أَوْ قَبِلْت لِنَفْسِي أَوْ لِمُوَكِّلِي أَوْ ابْنِي، وَمُوَكِّلَتِي ط (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ الْمَوْضِعُ لِلِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ: نَفْسَك) بِكَسْرِ الْكَافِ مَفْعُولُ زَوِّجِينِي أَوْ بِفَتْحِهَا مَفْعُولُ زَوِّجْنِي فَفِيهِ حَذْفُ مَفْعُولِ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ وَلَوْ حَذَفَهُ لَشَمَلَ الْوَلِيَّ وَالْوَكِيلَ أَيْضًا أَفَادَهُ. ح (قَوْلُهُ: أَوْ كُونِي امْرَأَتِي) ، وَمِثْلُهُ كُونِي امْرَأَةَ ابْنِي أَوْ امْرَأَةَ مُوَكِّلِي وَكَذَا كُنْ زَوْجِي أَوْ كُنْ زَوْجَ بِنْتِي أَوْ زَوْجَ مُوَكِّلَتِي أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِيجَابٍ) الْفَاءُ فَصِيحَةٌ أَيْ إذَا عَرَفْت أَنَّ قَوْلَهُ بِمَا وُضِعَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَعَرَفْت أَيْضًا أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ عَرَفْت أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ لَيْسَ بِإِيجَابٍ، لَكِنْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْآخَرِ زَوَّجْت فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ بِقَبُولٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ لَيْسَ بِقَبُولٍ مَحْضٍ بَلْ هُوَ لَفْظٌ قَامَ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ عَطْفَ الْحَالِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ يَقْتَضِي أَنَّ نَحْوَ قَوْلِهِ أَتَزَوَّجُك لَيْسَ بِإِيجَابٍ وَأَنَّ قَوْلَهَا قَبِلْت مُجِيبَةً لَهُ لَيْسَ بِقَبُولٍ مَعَ أَنَّهُمَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ قَطْعًا ح.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ تَوْكِيلٌ ضِمْنِيٌّ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ بِالنِّكَاحِ لِلْمَأْمُورِ مَعْنًى، وَلَوْ صَرَّحَ بِالتَّوْكِيلِ وَقَالَ وَكَّلْتُك بِأَنْ تُزَوِّجِي نَفْسَك مِنِّي فَقَالَتْ زَوَّجْت صَحَّ النِّكَاحُ فَكَذَا هُنَا غَايَةُ الْبَيَانِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ ضِمْنِيٌّ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَوْكِيلًا لَمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَجْلِسِ، مَعَ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ.

وَتَوْضِيحُ الْجَوَابِ كَمَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ: أَنَّ الْمُتَضَمَّنَ بِالْفَتْحِ لَا تُعْتَبَرُ شُرُوطُهُ بَلْ شُرُوطُ الْمُتَضَمِّنِ بِالْكَسْرِ وَالْأَمْرُ طَلَبٌ لِلنِّكَاحِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ النِّكَاحِ مِنْ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ فِي رُكْنَيْهِ لَا شُرُوطُ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ كَمَا فِي أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ فِيهِ ضِمْنِيًّا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِمَا فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْإِعْتَاقِ شَرْطٌ، وَهُوَ تَبَعٌ لِلْمُقْتَضَى وَهُوَ الْعِتْقُ إذْ الشُّرُوطُ اتِّبَاعٌ فَلِذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ الْمُقْتَضَى بِالْفَتْحِ بِشُرُوطِ الْمُقْتَضِي بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْعِتْقُ لَا بِشُرُوطِ نَفْسِهِ إظْهَارًا لِلتَّبَعِيَّةِ فَسَقَطَ الْقَبُولُ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْبَيْعِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ فِي آخِرِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالَ) أَيْ الْمَأْمُورُ بِالتَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ أَيْ زَوَّجْت أَوْ قَبِلْت مُلْتَبِسًا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِأَمْرِك وَلَا يَحْصُلُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِأَمْرِهِ إلَّا بِتَقْدِيرِ الْجَوَابِ مَاضِيًا مُرَادًا بِهِ الْإِنْشَاءُ لِيَتِمَّ شَرْطُ الْعَقْدِ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا لِلْمُضِيِّ (قَوْلُهُ: بَزَّازِيَّةٌ) نَصُّ عِبَارَتِهَا قَالَ زَوِّجِي نَفْسَك مِنِّي فَقَالَتْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ صَحَّ. اهـ. وَنَقَلَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّوَازِلِ وَنَقَلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ الْخُلَاصَةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ إيجَابٌ) مُقَابِلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ، وَمَشَى عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَنَسَبَهُ فِي الْفَتْحِ إلَى الْمُحَقِّقِينَ، وَعَلَى الثَّانِي ظَاهِرُ الْكَنْزِ وَاعْتَرَضَهُ فِي الدُّرَرِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ بِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَفْظُ الْأَمْرِ فِي النِّكَاحِ إيجَابٌ وَكَذَا فِي الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْكَفَالَةِ وَالْهِبَةِ. اهـ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَيْسَ إلَّا اللَّفْظَ الْمُفِيدَ قَصْدَ تَحَقُّقِ الْمَعْنَى أَوَّلًا، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ ثُمَّ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ تَوْكِيلًا،، وَإِلَّا بَقِيَ طَلَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ حَيْثُ لَا يَتِمُّ بِقَوْلِهِ بِعْنِيهِ بِكَذَا فَيَقُولُ بِعْت بِلَا جَوَابٍ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ بُيُوعِ الْفَتْحِ الْفَرْقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَدْخُلُهُ الْمُسَاوَمَةُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ مُقَدِّمَاتٍ، وَمُرَاجَعَاتٍ، فَكَانَ التَّحْقِيقُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.

وَأَوْرَدَ فِي الْبَحْرِ عَلَى كَوْنِهِ إيجَابًا مَا فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ هَبْ ابْنَتَك لِفُلَانٍ فَقَالَ الْأَبُ: وَهَبْت

<<  <  ج: ص:  >  >>