أَوْ حَلَفَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ كَانَ يَمِينًا، كَمَا لَوْ مَاتَتْ، أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ الْمُتَزَوِّجَةُ بِهِ يُفْتَى لِصَيْرُورَتِهَا يَمِينًا وَلَا تَنْقَلِبُ طَلَاقًا، وَمِثْلُهُ: أَنْتِ مَعِي فِي الْحَرَامِ وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَحَرَّمْتُكِ عَلَيَّ وَأَنْتِ مُحَرَّمَةٌ، أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ، وَأَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ أَوْ مُحَرَّمٌ، أَوْ حَرَّمْتُ نَفْسِي عَلَيْكِ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ، أَوْ كَالْخِنْزِيرِ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَرْبَعُ (نِسْوَةٍ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ) بَائِنَةٌ (وَقِيلَ: تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ حَلَفَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ مَا كَانَ فَعَلَ كَذَا، وَقَدْ كَانَ فَعَلَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جُعِلَ يَمِينًا بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ غَمُوسٌ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَفَعَلَ وَلَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ اهـ فَيُحْمَلُ كَلَامُ النَّسَفِيِّ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ. وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا فِي أَيْمَانِ النِّهَايَةِ عَنْ النَّوَازِلِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ مَعْنَاهُ إذَا حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ وَقَالَ لِانْصِرَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. اهـ. لِأَنَّ انْصِرَافَهُ إلَى ذَلِكَ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْعُرْفِ بِإِرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْ لَفْظِ الْحَرَامِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِيرُ يَمِينًا عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ كَمَا سَمِعْت مِنْ كَلَامِهِمْ، وَيَأْتِي قَرِيبًا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنَا عَلَيْكَ حَرَامٌ، أَوْ حَرَّمْتُكَ صَارَ يَمِينًا، حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً تَحْنَثُ اهـ وَقَوْلُهُ: طَائِعَةً، أَوْ مُكْرَهَةً أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْفَتْحِ فَلَوْ مَكَّنَتْهُ حَنِثَتْ وَكَفَّرَتْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ مَاتَتْ إلَخْ) نَصُّ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْحَلِفِ وَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ، أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ؛ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْمُتَزَوِّجَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ حَلِفَهُ صَارَ حَلِفًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ الْوُجُودِ فَلَا يَنْقَلِبُ طَلَاقًا اهـ وَهَكَذَا نَقَلَ الْعِبَارَةَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ، وَفِي الْعِبَارَةِ سَقَطٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْخَانِيَّةِ وَنَصُّهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ فَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ، أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ لَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَتْ إلَى الطَّلَاقِ وَقْتَ وُجُودِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَبِينُ الْمُتَزَوِّجَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَطْلُقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ يَمِينَهُ جُعِلَتْ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ وُجُودِهَا فَلَا يَصِيرُ طَلَاقًا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.
قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، فَقَدْ سَقَطَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ إلَى قَوْلِهِ ثَانِيًا ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَالْأَوْلَى ذِكْرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فَعَلَ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي) هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَمِثْلُهُ عَلَيَّ الْحَرَامُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ حَيْثُ اشْتَرَطَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْكِنَايَاتِ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْحُرْمَةَ، أَوْ الْبَيْنُونَةَ إلَيْهَا كَأَنْتِ بَائِنٌ، أَوْ حَرَامٌ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ، وَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنَا حَرَامٌ، أَوْ بَائِنٌ لَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهَا، وَإِنْ خَيَّرَهَا فَأَجَابَتْ بِالْحُرْمَةِ، أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِضَافَتَيْنِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ، أَوْ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْكِ، أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي، أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْكِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ حَرَّمْتُ نَفْسِي عَلَيْكِ) فِي هَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكِ نَهْرٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْحُرْمَةَ إلَى نَفْسِهِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: حَتَّى لَوْ قَالَ حَرَّمْت نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ وَالْخِنْزِيرِ، أَوْ مَا كَانَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا لِعَدَمِ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنَّ الْعُرْفَ فِيهِ قَامَ مَقَامَ النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute