للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُنَّ) وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ كَمَا مَرَّ فِي الصَّرِيحِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) وَالْأَشْبَهُ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْبَزَّازِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْكَمَالُ: الْأَشْبَهُ عِنْدِي الْأَوَّلُ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ، وَصَحَّحَهُ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ لَكِنْ فِي النَّهْرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ " وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا "، يَعْنِي التَّحْرِيمَ لَا بِقَيْدِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " مُخَاطِبًا لِوَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْمَتْنِ، بَلْ يَجِبُ فِيهِ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ. اهـ. قُلْت: يَعْنِي بِخِلَافِ حَلَالِ اللَّهِ، أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَعُمُّ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ فَلْيُحْفَظْ.

ــ

[رد المحتار]

سَيَأْتِي عَلَى النَّهْرِ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الصَّرِيحِ) أَيْ فِي بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْ لَوْ طَلَّقَ بِالصَّرِيحِ كَقَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعٌ مَثَلًا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ وَقَدَّمْنَا بَسْطَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورِ مَتْنًا وَشَرْحًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْكَمَالُ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْفَتَاوَى: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعٌ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، وَعَلَى فَتْوَى الْأُوزَجَنْدِيِّ وَالْإِمَامِ مَسْعُودٍ الْكَشَانِيِّ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ هُوَ الْأَشْبَهُ.

وَعِنْدِي أَنَّ الْأَشْبَهَ مَا فِي الْفَتَاوَى لِأَنَّ قَوْلَهُ: حَلَالُ اللَّهِ، أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ عُرْفٌ فِي الطَّلَاقِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هُنَّ طَوَالِقُ لِأَنَّ حَلَالَ اللَّهِ يَشْمَلُهُنَّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ. اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَعْلِيلَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ هُوَ اللَّفْظُ الْعَامُّ لَا الْخَاصُّ كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا فِي عِبَارَةِ الْفَتَاوَى إذْ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ سِوَى الْمُخَاطَبَةِ، فَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ كَمَا يَأْتِي عَنْ النَّهْرِ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ فِي الذَّخِيرَةِ قَدْ حَكَى الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي " حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ " كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي النَّهْرِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ فِي الْكَنْزِ، وَهِيَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ، فَيَجِبُ كَوْنُ الْمُرَادِ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ " حَرَامٌ "، لَكِنْ لَا بِالْخِطَابِ مَعَ وَاحِدَةٍ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَتْنِ، بَلْ عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ كَحَلَالِ اللَّهِ، أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ كَمَا عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ الْكَمَالِ.

(قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِ النَّهْرِ لَا بِقَيْدِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الزَّيْلَعِيِّ اللَّفْظَ الْخَاصَّ بَلْ الْعَامَّ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ وَذَلِكَ بِحَمْلِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَقَطْ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا، هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ، وَقَدْ حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِيهِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْفَتْحِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ كَمَا عَلِمْت. وَأَيْضًا كَيْفَ يَصِحُّ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْ يُقَالَ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ، بَلْ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ حَمْلِهِ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى نَحْوِ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ، وَتَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِي طَالِقٌ حَيْثُ جَعَلَ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ جَارِيًا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَعَزَاهُ هُنَاكَ إلَى الْمُصَنِّفِ فَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَقَّقْنَا هُنَاكَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ امْرَأَتِي حَرَامٌ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَأَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ. لِأَنَّ لَفْظَ امْرَأَتِي عُمُومُهُ بَدَلِيٌّ يَصْدُقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا بِعَيْنِهَا، بِخِلَافِ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ عُمُومَهُ اسْتِغْرَاقِيٌّ يَعُمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>