للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَدُورُ مَعَ الْعُرْفِ. وَقَالَ الْعَيْنِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّ الْمُصْحَفَ يَمِينٌ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا. وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ الْمُصْحَفُ وَالْقُرْآنُ وَكَلَامُ اللَّهِ يَمِينٌ. زَادَ أَحْمَدُ وَالنَّبِيُّ أَيْضًا، وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ أَحَدِهَا فَيَمِينٌ إجْمَاعًا إلَّا مِنْ الْمُصْحَفِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِمَّا فِيهِ، بَلْ لَوْ تَبَرَّأَ مِنْ دَفْتَرٍ فِيهِ بَسْمَلَةٌ كَانَ يَمِينًا، وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ آيَةٍ فِيهِ أَوْ مِنْ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ فَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ وَلَوْ كَرَّرَ الْبَرَاءَةَ فَأَيْمَانٌ بِعَدَدِهَا، وَبَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ وَبَرِيءٌ مِنْ رَسُولِهِ يَمِينَانِ؛ وَلَوْ زَادَ: وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ فَأَرْبَعٌ، وَبَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ أَلْفَ مَرَّةٍ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَبَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْقِبْلَةِ أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ أَوْ الصَّلَاةِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: فَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُهُ تَعَالَى بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ صِفَةً لَهُ لِأَنَّ الصِّفَاتِ لَيْسَتْ عَيْنًا وَلَا غَيْرًا كَمَا قَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَلِذَا قَالُوا: مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَهُوَ كَافِرٌ. وَنَقَلَ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ: وَقَدْ قِيلَ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَيَمِينٌ وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَأْمُرُ وَنَعْتَقِدُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ: إنَّهُ يَمِينٌ، وَبِهِ أَخَذَ جُمْهُورُ مَشَايِخِنَا اهـ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِكَوْنِهِ صِفَةً تُعُورِفَ الْحَلِفُ بِهَا كَعِزَّةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ (قَوْلُهُ فَيَدُورُ مَعَ الْعُرْفِ) لِأَنَّ الْكَلَامَ صِفَةٌ مُشْتَرَكَةٌ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: وَعِنْدِي لَوْ حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَحَقِّ هَذَا فَهُوَ يَمِينٌ وَلَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ الْأَيْمَانُ الْفَاجِرَةُ وَرَغْبَةُ الْعَوَّامِ فِي الْحَلِفِ بِالْمُصْحَفِ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ. وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ الْمُصْحَفُ لَيْسَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ الْعُرْفُ وَإِلَّا لَكَانَ الْحَلِفُ بِالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ يَمِينًا لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ، وَكَذَا بِحَيَاةِ رَأْسِك وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْحَالِفِ وَحَقِّ اللَّهِ لَيْسَ بِيَمِينٍ كَمَا يَأْتِي تَحْقِيقُهُ، وَحَقِّ الْمُصْحَفِ مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا وَحَقُّ كَلَامِ اللَّهِ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعْظِيمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَذَلِكَ صِفَةُ الْعَبْدِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ أُقْسِمُ بِمَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَمِينًا (قَوْلُهُ وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ أَحَدِهَا) أَيْ أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ النَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ وَالْقِبْلَةِ.

(قَوْلُهُ إلَّا مِنْ الْمُصْحَفِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ التَّبَرِّي مِنْهُ يَمِينًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَرَقُ وَالْجِلْدُ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِمَّا فِيهِ لِأَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّأَ مِنْ الْمُصْحَفِ انْعَقَدَ يَمِينًا فَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ، فَإِنَّ عِبَارَةَ الْمُجْتَبَى هَكَذَا: وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ مِمَّا فِي الْمُصْحَفِ فَيَمِينٌ، وَلَوْ قَالَ مِنْ الْمُصْحَفِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ تَبَرَّأَ مِنْ دَفْتَرٍ) صَوَابُهُ مِمَّا فِي دَفْتَرٍ كَمَا عَلِمْته فِي الْمُصْحَفِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ رَفَعَ كِتَابَ الْفِقْهِ أَوْ دَفْتَرَ الْحِسَابِ فِيهِ مَكْتُوبٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا فِيهِ إنْ فَعَلَ كَذَا فَفَعَلَ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ آيَةٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُصْحَفِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَالذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّة (قَوْلُهُ وَلَوْ كَرَّرَ الْبَرَاءَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَالزَّبُورِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَلَوْ قَالَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَبَرِيءٌ مِنْ التَّوْرَاةِ وَبَرِيءٌ مِنْ الْإِنْجِيلِ وَبَرِيءٌ مِنْ الزَّبُورِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى تَعَدَّدَتْ صِيغَةُ الْبَرَاءَةِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا اتَّحَدَتْ اتَّحَدَتْ (قَوْلُهُ يَمِينَانِ) أَيْ لِتَكَرُّرِ الْبَرَاءَةِ مَرَّتَيْنِ؛ أَمَّا لَوْ قَالَ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقِيلَ يَمِينَانِ وَصَحَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُجْتَبَى الْأَوَّلَ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ هُنَا مُوهِمَةٌ خِلَافَ الْمُرَادِ.

(قَوْلُهُ فَأَرْبَعٌ) لِأَنَّ لَفْظَ الْبَرَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ مَذْكُورٌ مَرَّتَيْنِ بِسَبَبِ التَّثْنِيَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ قَوْلَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ لِلْمُبَالَغَةِ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ فِيهَا اللَّفْظُ حَقِيقَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ صَوْمِ رَمَضَانَ إلَخْ) زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِينَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ فَعَلْت كَذَا، فَإِنْ نَوَى الْبَرَاءَةَ مِنْ فَرْضِيَّتِهَا فَيَمِينٌ أَوْ مِنْ أَجْرِهَا فَلَا، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لِلشَّكِّ؛ وَلَوْ قَالَ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ حُجَّتِي الَّتِي حَجَجْت أَوْ مِنْ صَلَاتِي الَّتِي صَلَّيْت لَا يَكُونُ يَمِينًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِنْ الْقُرْآنِ الَّذِي تَعَلَّمْت فَإِنَّهُ يَمِينٌ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ تَبَرَّأَ عَنْ فِعْلِهِ لَا عَنْ الْحَجَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>