أَوْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ أَعْبُدُ الصَّلِيبَ يَمِينٌ، لِأَنَّهُ كُفْرٌ وَتَعْلِيقُ الْكُفْرِ بِالشَّرْطِ يَمِينٌ وَسَيَجِيءُ أَنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِهِ يَكْفُرُ وَإِلَّا يُكَفِّرُ.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالتَّجْرِيدِ: وَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ، وَالْمَجْلِسِ وَالْمَجَالِسِ سَوَاءٌ؛ وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَفِي حَلِفِهِ بِاَللَّهِ لَا يُقْبَلُ، وَبِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ يُقْبَلُ. وَفِيهِ مَعْزِيًّا لِلْأَصْلِ: هُوَ يَهُودِيٌّ هُوَ نَصْرَانِيٌّ يَمِينَانِ، وَكَذَا وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فِي الْأَصَحِّ. وَاتَّفَقُوا أَنَّ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ يَمِينَانِ، وَبِلَا عَطْفٍ وَاحِدَةٌ. وَفِيهِ مَعْزِيًّا لِلْفَتْحِ. قَالَ الرَّازِيّ: أَخَافُ عَلَى مَنْ قَالَ بِحَيَاتِي وَحَيَاتِك وَحَيَاةِ رَأْسِك أَنَّهُ يَكْفُرُ
ــ
[رد المحتار]
الْمَشْرُوعَةِ، وَفِي الثَّانِي الْقُرْآنُ قُرْآنٌ، وَإِنْ تَعَلَّمَهُ فَالتَّبَرِّي عَنْهُ كُفْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ) لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ تَكُونُ لِإِنْكَارِ الْأَيْمَانِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْبُدُ الصَّلِيبَ) كَأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أَعْبُدُ الصَّلِيبَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كُفْرٌ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ أَحَدِهَا مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيقُ الْكُفْرِ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ هُوَ يَسْتَحِلُّ الْمَيْتَةَ أَوْ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ إنْ فَعَلَ كَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ حَرَامٌ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً بِحَيْثُ لَا تَسْقُطُ حُرْمَتُهُ بِحَالٍ كَالْكُفْرِ وَأَشْبَاهِهِ، فَاسْتِحْلَالُهُ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ يَكُونُ يَمِينًا، وَمَا تَسْقُطُ حُرْمَتُهُ بِحَالٍ كَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَلَا ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ قَرِيبًا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُكَفِّرُ) بِالتَّشْدِيدِ: أَيْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ.
مَطْلَبٌ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ
(قَوْلُهُ وَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ) وَفِي الْبُغْيَةِ: كَفَّارَاتُ الْأَيْمَانِ إذَا كَثُرَتْ تَدَاخَلَتْ، وَيَخْرُجُ بِالْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ عُهْدَةِ الْجَمِيعِ. وَقَالَ شِهَابُ الْأَئِمَّةِ: هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ. قَالَ صَاحِبُ الْأَصْلِ: هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي. اهـ. مَقْدِسِيٌّ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَبِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ يُقْبَلُ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ ثُمَّ حَلَفَ ثَانِيًا كَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي إخْبَارًا عَنْ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ فَلَا تَصِحُّ بِهِ نِيَّةُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: وَإِنْ كَانَ إحْدَى الْيَمِينَيْنِ بِحَجَّةٍ وَالْأُخْرَى بِاَللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَحَجَّةٌ (قَوْلُهُ وَفِيهِ مَعْزِيًّا لِلْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ وَفِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقْطًا، فَإِنَّ الَّذِي فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْلِ: لَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا هُوَ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُمَا يَمِينَانِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ: أَيْ إذَا ذَكَرَ الْوَاوَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا يَمِينَانِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّانِي لَا يَصْلُحُ نَعْتًا لِلْأَوَّلِ أَوْ يَصْلُحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَفِي رِوَايَةِ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قُلْت: لَكِنْ يُسْتَثْنَى مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَمِيثَاقِهِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهُوَ يَمِينٌ عِنْدَنَا وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ يَجِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ لَفْظٍ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ كُلَّ لَفْظٍ يَمِينٌ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِنَا إذَا كُرِّرَتْ الْوَاوُ كَمَا فِي وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ إلَّا فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَاتَّفَقُوا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إذَا دَخَلَتْ الْوَاوُ عَلَى الِاسْمِ الثَّانِي وَكَانَتْ وَاحِدَةً، فَلَوْ تَكَرَّرَتْ الْوَاوُ مِثْلَ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فَهُمَا يَمِينَانِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ إحْدَاهُمَا لِلْعَطْفِ وَالْأُخْرَى لِلْقَسَمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الِاسْمِ الثَّانِي وَاوٌ أَصْلًا كَقَوْلِك وَاَللَّهِ اللَّهِ وَكَقَوْلِك وَاَللَّهِ الرَّحْمَنِ فَهُوَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا عَطْفِ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ قَالَ الرَّازِيّ) هُوَ عَلِيُّ حُسَامُ الدِّينِ الرَّازِيّ. لَهُ كُتُبٌ: مِنْهَا خُلَاصَةُ الدَّلَائِلِ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ. سَكَنَ دِمَشْقَ وَتُوُفِّيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute