للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَامُ الْقَسَمِ وَحَرْفُ التَّنْبِيهِ وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَقَطْعُ أَلْفِ الْوَصْلِ وَالْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ وَالْمَضْمُومَةِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ وَهَا اللَّهِ وَمِ اللَّهِ.

(وَقَدْ تُضْمَرُ) حُرُوفُهُ إيجَازًا فَاخْتَصَّ اسْمُ اللَّهِ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ وَغَيْرُهُ بِغَيْرِ الْجَرِّ وَالْتَزَمَ رَفْعَ ايْمُنُ وَلَعَمْرُ اللَّهِ (كَقَوْلِهِ اللَّهَ) بِنَصَبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَجَرَّهُ الْكُوفِيُّونَ

ــ

[رد المحتار]

لَمْ تَقَعْ الْبَاءُ فِي الْقُرْآنِ إلَّا فِي - بِاَللَّهِ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]- مَعَ احْتِمَالِ تَعَلُّقِهَا ب " لَا تُشْرِكْ " وَقَدَّمَ غَيْرُهُ الْبَاءَ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ لِأَنَّهَا صِلَةُ أَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَلِذَا دَخَلَتْ فِي الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ نَحْوِ بِك لَأَفْعَلَنَّ (قَوْلُهُ وَلَامُ الْقَسَمِ) وَهِيَ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ فِي الْأُمُورِ الْعِظَامِ قُهُسْتَانِيٌّ: أَيْ لَا تَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ اسْمِ الْجَلَالَةِ وَهِيَ مَكْسُورَةٌ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْآجُرُّومِيَّةِ. وَفِي الْفَتْحِ: وَلَا تُسْتَعْمَلُ اللَّامُ إلَّا فِي قَسَمٍ مُتَضَمِّنٍ مَعْنَى التَّعَجُّبِ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلَ آدَم الْجَنَّةَ، فَلِلَّهِ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ حَتَّى خَرَجَ، وَقَوْلُهُمْ لِلَّهِ مَا يُؤَخَّرُ الْأَجَلُ فَاسْتِعْمَالُهَا قَسَمًا مُجَرَّدًا عَنْهُ لَا يَصِحُّ فِي اللُّغَةِ إلَّا أَنْ يُتَعَارَفَ كَذَلِكَ.

وَقَوْلُ الْهِدَايَةِ فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ احْتِرَازٌ عَمَّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لِلنَّذْرِ، وَيَحْتَمِلُ مَعْنَى الْيَمِينِ اهـ (قَوْلُهُ وَحَرْفُ التَّنْبِيهِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَحْذُوفُ الْأَلْفِ أَوْ ثَابِتُهَا مَعَ وَصْلِ أَلْفِ اللَّهِ وَقَطْعِهَا كَمَا فِي التَّسْهِيلِ لِابْنِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ) هِيَ هَمْزَةٌ بَعْدَهَا أَلِفٌ وَلَفْظُ الْجَلَالَةِ بَعْدَهَا مَجْرُورٌ، وَتَسْمِيَتُهَا بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ مَجَازٌ كَذَا فِي الدَّمَامِينِيِّ عَلَى التَّسْهِيلِ ح. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَرَّ بِهَذِهِ الْأَحْرُفِ لِنِيَابَتِهَا عَنْ أَحْرُفِ الْقَسَمِ ط (قَوْلُهُ وَقَطْعُ أَلِفِ الْوَصْلِ) أَيْ مَعَ جَرِّ الِاسْمِ الشَّرِيفِ ح أَيْ فَالْهَمْزَةُ نَابَتْ عَنْ حَرْفِ الْقَسَمِ وَلَيْسَ حَرْفُ الْقَسَمِ مُضْمَرًا لِأَنَّ مَا يُضْمَرُ فِيهِ حَرْفُ الْقَسَمِ تَبْقَى هَمْزَتُهُ هَمْزَةَ وَصْلٍ، نَعَمْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ تُقْطَعُ الْهَمْزَةُ فَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ.

أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الِابْتِدَاءِ كَقَوْلِك يَا زَيْدُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ فَإِنْ قَطَعْتهَا كَانَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الْإِضْمَارِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْمِيمُ الْمَكْسُورَةُ وَالْمَضْمُومَةُ) وَكَذَا الْمَفْتُوحَةُ، فَقَدْ نَقَلَ الدَّمَامِينِيُّ فِيهَا التَّثْلِيثَ. وَفِي ط لَعَلَّهُمْ اعْتَبَرُوا صُورَتَهَا فَعَدُّوهَا مِنْ حُرُوفِ الْقَسَمِ وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ اللُّغَاتِ فِي أَيْمُنِ اللَّهِ كُمِنَ اللَّهِ (قَوْلُهُ لِلَّهِ) بِكَسْرِ لَامِ الْقَسَمِ وَجَرِّ الْهَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَا اللَّهِ) مِثَالٌ لِحَرْفِ التَّنْبِيهِ وَالْهَاءُ مَجْرُورَةٌ ح (قَوْلُهُ مُ اللَّهِ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْهَاءُ مَجْرُورَةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ تُضْمَرُ حُرُوفُهُ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُضْمَرُ هُوَ الْبَاءُ فَقَطْ، لِأَنَّهَا حَرْفُ الْقَسَمِ الْأَصْلِيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْكَشْفِ وَالرَّضِيِّ، وَأَرَادَ بِالْإِضْمَارِ عَدَمَ الذِّكْرِ فَيَصْدُقُ بِالْحَذْفِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِضْمَارَ يَبْقَى أَثَرُهُ بِخِلَافِ الْحَذْفِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي كَوْنُ الْحَرْفِ مَحْذُوفًا فِي حَالَةِ النَّصْبِ وَمُضْمَرًا فِي حَالَةِ الْجَرِّ لِظُهُورِ أَثَرِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ تُضْمَرُ وَلَمْ يَقُلْ تُحْذَفُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ مَعَ النَّصْبِ لَا يَكُونُ حَالِفًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ إنَّهُ بِمَعْزِلٍ عَنْ التَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ كَمَا يَكُونُ حَالِفًا مَعَ بَقَاءِ الْأَثَرِ يَكُونُ أَيْضًا حَالِفًا مَعَ النَّصْبِ بَلْ هُوَ الْكَثِيرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَذَاكَ شَاذٌّ اهـ أَيْ شَاذٌّ فِي غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ) أَمَّا الْجَرُّ وَالنَّصْبُ فَعَلَى إضْمَارِ الْحَرْفِ أَوْ حَذْفِهِ مَعَ تَقْدِيرِ نَاصِبٍ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا الرَّفْعُ فَقَالَ فِي الْفَتْحِ عَلَى إضْمَارِ مُبْتَدَإٍ، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ عَلَى إضْمَارِ خَبَرٍ، لِأَنَّ الِاسْمَ الْكَرِيمَ أَعْرَفُ الْمَعَارِفِ فَهُوَ أَوْلَى بِكَوْنِهِ مُبْتَدَأً وَالتَّقْدِيرُ اللَّهُ قَسَمِي أَوْ قَسَمِي اللَّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَيَخْتَصُّ غَيْرُ اسْمِ الْجَلَالَةِ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ بِغَيْرِ الْجَرِّ أَيْ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ، أَمَّا الْجَرُّ فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْجَارِّ وَإِبْقَاءُ عَمَلِهِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا لَفْظُ الْجَلَالَةِ فِي الْقَسَمِ دُونَ عِوَضٍ نَحْوَ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ (قَوْلُهُ بِنَصْبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ) هَذَا خِلَافُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ بِفِعْلِ الْقَسَمِ لَمَّا حَذَفَ الْحَرْفَ اتَّصَلَ الْفِعْلُ بِهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ عِنْدَ انْتِزَاعِ الْخَافِضِ: أَيْ بِالْفِعْلِ عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ أَيْ فَالْبَاءُ فِي بِنَزْعِ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا صِلَةَ نَصْبِهِ لِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ مِنْ عَوَامِلِ النَّصْبِ، بَلْ النَّاصِبُ هُوَ الْفِعْلُ، وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ تَوَسُّعًا بِسَبَبِ نَزْعِ الْخَافِضِ كَمَا فِي - {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٥٠]- أَيْ عَنْ أَمْرِهِ - {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: ٥]- أَيْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَجَرَّهُ الْكُوفِيُّونَ) كَذَا حُكِيَ الْخِلَافُ فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُمَا أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>