للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا مَرَّ فِي الظِّهَارِ (أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا) يَصْلُحُ لِلْأَوْسَاطِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَ (يَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ) فَلَمْ يَجُزْ السَّرَاوِيلُ إلَّا بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْإِطْعَامِ.

ــ

[رد المحتار]

وَإِذَا غَدَّى مِسْكِينًا وَعَشَّى غَيْرَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ فَرَّقَ طَعَامَ الْعَشَرَةِ عَلَى عِشْرِينَ، كَمَا إذَا فَرَّقَ حِصَّةَ الْمِسْكِينِ عَلَى مِسْكِينَيْنِ، وَلَوْ غَدَّى مِسْكِينًا وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْعِشَاءِ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ فِي عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؛ وَلَوْ عَشَّاهُمْ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَجْزَأَهُ اهـ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا غَدَّاهُمْ فِي يَوْمٍ وَعَشَّاهُمْ فِي يَوْمٍ آخَرَ فَعَنْ الثَّانِي فِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ شَرَطَ وُجُودَهُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُعَلَّى لَمْ يَشْتَرِطْ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ أَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينِ كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا عَنْ يَمِينَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا عَنْ إحْدَاهُمَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُجْزِيه عَنْهُمَا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي الظِّهَارِ) أَيْ كَالتَّحْرِيرِ وَالْإِطْعَامِ الْمَارَّيْنِ فِي الظِّهَارِ مِنْ كَوْنِ الرَّقَبَةِ غَيْرَ فَائِتَةٍ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ وَلَا مُسْتَحَقَّةً لِلْحُرِّيَّةِ بِجِهَةٍ. وَفِي الِاطِّعَامِ، إمَّا التَّمْلِيكُ، أَوْ الْإِبَاحَةُ، فَيُعَشِّيهِمْ وَيُغَدِّيهِمْ؛ وَلَوْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ الْإِطْعَامِ إنْ كَانَ أَرْخَصَ مِنْ الْكِسْوَةِ.

وَعَلَى الْعَكْسِ لَا يَجُوزُ، هَذَا فِي إطْعَامِ الْإِبَاحَةِ؛ أَمَّا إذَا مَلَكَهُ فَيَجُوزُ وَيُقَامُ مَقَامَ الْكِسْوَةِ؛ وَلَوْ أَعْطَى عَشَرَةً كُلَّ وَاحِدٍ أَلْفَ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي، وَكَذَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ نَهْرٌ.

قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ حِيلَةَ الدُّرَرِ لَا تَنْفَعُ هُنَا بِخِلَافِهَا فِي إسْقَاطِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ بِمَا يَصْلُحُ لِلْأَوْسَاطِ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الثَّوْبِ حَالُ الْقَابِضِ، إنْ كَانَ يَصْلُحُ لَهُ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّهَا أَكْثَرُ نِصْفِ مُدَّةِ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ جَدِيدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ جَدِيدًا رَقِيقًا لَا يَبْقَى هَذِهِ الْمُدَّةَ لَا يُجْزِئُ (قَوْلُهُ وَيَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ) أَيْ أَكْثَرَهُ كَالْمُلَاءَةِ أَوْ الْجُبَّةِ أَوْ الْقَمِيصِ أَوْ الْقَبَاءِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَهَذَا بَيَانٌ لِأَدْنَاهُ عِنْدَهُمَا. وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَعَلَيْهِ فَيُجْزِيه دَفْعُ السَّرَاوِيلِ عِنْدَهُ لِلرَّجُلِ لَا لِلْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجُزْ السَّرَاوِيلُ) هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ لَابِسَهُ يُسَمَّى عُرْيَانًا عُرْفًا فَلَا بُدَّ عَلَى هَذَا أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصًا أَوْ جُبَّةً أَوْ رِدَاءً أَوْ قَبَاءً أَوْ إزَارًا سَابِلًا بِحَيْثُ يَتَوَشَّحُ بِهِ عِنْدَهُمَا وَإِلَّا فَهُوَ كَالسَّرَاوِيلِ، وَلَا تُجْزِئُ الْعِمَامَةُ إلَّا إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهَا ثَوْبٌ مُجْزِئٌ. وَأَمَّا الْقَلَنْسُوَةُ فَلَا تُجْزِئُ بِحَالٍ، وَلَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْ خِمَارٍ مَعَ الثَّوْبِ لِأَنَّ صَلَاتَهَا لَا تَصِحُّ بِدُونِهِ، وَهَذَا: أَيْ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يُشَابِهُ الْمَرْوِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي السَّرَاوِيلِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِلْمَرْأَةِ. وَظَاهِرُ الْجَوَابِ مَا يَثْبُتُ بِهِ اسْمُ الْمُكْتَسِي وَيَنْتَفِي عَنْهُ اسْمُ الْعُرْيَانِ لَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا، وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ لَابِسَةً قَمِيصًا سَابِلًا وَخِمَارًا غَطَّى رَأْسَهَا وَأُذُنَيْهَا دُونَ عُنُقِهَا لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ اسْمِ أَنَّهَا مُكْتَسِيَةٌ لَا عُرْيَانَةُ وَمَعَ هَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الثَّوْبِ مِنْ الْخِمَارِ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخِمَارُ مِمَّا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ. وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ عَلَى صَدْرِ عِبَارَةِ الْفَتْحِ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخِمَارُ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. الشُّرُنْبُلَالِيَّةُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا يُغَطِّي رَأْسَ الرَّجُلِ. اهـ.

قُلْت: إنْ كَانَ تَوَقُّفُهُ فِي إجْزَائِهِ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي اشْتِرَاطِهِ مَعَ الثَّوْبِ فَظَاهِرُ مَا مَرَّ عَدَمُهُ. وَفِي الْكَافِي: الْكِسْوَةُ ثَوْبٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إزَارٌ وَرِدَاءٌ أَوْ قَمِيصٌ أَوْ قَبَاءٌ أَوْ كِسَاءٌ اهـ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَسْتُرُ أَكْثَرَ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ إلَّا بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ الْإِطْعَامِ) وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْطَى نِصْفَ ثَوْبٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَجْزَأَهُ عَنْ إطْعَامِ فَقِيرٍ، وَكَذَا لَوْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا كَبِيرًا لَا يَكْفِي كُلَّ وَاحِدٍ حِصَّتُهُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>