(وَلَوْ أَدَّى الْكُلَّ) جُمْلَةً أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يَنْوِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا لِلُزُومِ النِّيَّةِ لِصِحَّةِ التَّكْفِيرِ (وَقَعَ عَنْهَا وَاحِدٌ هُوَ أَعْلَاهَا قِيمَةً، وَلَوْ تَرَكَ الْكُلَّ عُوقِبَ بِوَاحِدٍ هُوَ أَدْنَاهَا قِيمَةً) لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِالْأَدْنَى (وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا) كُلِّهَا (وَقْتَ الْأَدَاءِ) عِنْدَنَا، حَتَّى لَوْ وَهَبَ مَالَهُ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ صَامَ ثُمَّ رَجَعَ بِهِبَةٍ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ مُجْتَبًى. قُلْت: وَهَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ (صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وِلَاءً) وَيَبْطُلُ بِالْحَيْضِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ. وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ التَّفْرِيقَ، وَاعْتَبَرَ الْعَجْزَ عِنْدَ الْحِنْثِ مِسْكِينٌ (وَالشَّرْطُ اسْتِمْرَارُ الْعَجْزِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّوْمِ، فَلَوْ صَامَ الْمُعْسِرُ يَوْمَيْنِ ثُمَّ) قَبْلَ فَرَاغِهِ وَلَوْ بِسَاعَةٍ (أَيْسَرَ) وَلَوْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ مُوسِرًا (لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ) وَيَسْتَأْنِفُ بِالْمَالِ خَانِيَّةٌ، وَلَوْ صَامَ نَاسِيًا لِلْمَالِ وَلَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ مُجْتَبًى. وَلَوْ نَسِيَ كَيْفَ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِصَوْمٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ خَانِيَةً (وَلَمْ يَجُزْ) التَّكْفِيرُ وَلَوْ بِالْمَالِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (قَبْلَ حِنْثٍ) وَلَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْ الْفَقِيرِ لِوُقُوعِهِ صَدَقَةً.
ــ
[رد المحتار]
لِلْكِسْوَةِ وَتَبْلُغُ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ قِيمَةَ مَا ذَكَرْنَا أَجْزَأَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِالْإِطْعَامِ. ثُمَّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْإِجْزَاءِ عَنْ الْإِطْعَامِ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ عَنْ الْإِطْعَامِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُشْتَرَطُ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ مُرَتَّبًا فَقَطْ. وَفِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ بَعْدَ تَمَامِهَا إنَّمَا تُلَائِمُ الْإِطْعَامَ وَالْكِسْوَةَ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ بَعْدَ الدَّفْعِ مَا دَامَا فِي يَدِ الْفَقِيرِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ فَلَا، إلَّا أَنْ تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَتْ الْكِسْوَةُ وَالْإِطْعَامُ وَعِنْدَ الْإِعْتَاقِ نَوَى الثَّلَاثَةَ عَنْ الْكَفَّارَةِ. اهـ. ح وَالْمُرَادُ بِالْإِطْعَامِ التَّمْلِيكُ لَا الْإِبَاحَةُ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَكَلُوا عِنْدَهُ ثُمَّ نَوَى لَمْ يَصِحَّ فِيمَا يَظْهَرُ تَأَمَّلْ. ثُمَّ إنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بَيَانُ إمْكَانِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ وُقُوعُ الْأَعْلَى قِيمَةً عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فَإِذَا فَعَلَ الثَّلَاثَةَ، فَمَا نَوَاهُ أَوَّلًا وَقَعَ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَدْنَى، فَبَيَّنَ إمْكَانَ ذَلِكَ بِمَا إذَا فَعَلَ الْكُلَّ جُمْلَةً أَوْ مُرَتَّبًا لَكِنَّهُ أَخَّرَ النِّيَّةَ (قَوْلُهُ لِلُزُومِ النِّيَّةِ) عِلَّةٌ لِمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَقَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّكْفِيرِ مِنْ النِّيَّةِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْكَمَالُ وَغَيْرُهُ ط (قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ.
فَفِي الْخَانِيَّةِ: لَا يَجُوزُ الصَّوْمُ لِمَنْ يَمْلِكُ مَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ أَوْ يَمْلِكُ بَدَلَهُ فَوْقَ الْكَفَافِ، وَالْكَفَافُ مَنْزِلٌ يَسْكُنُهُ وَثَوْبٌ يَلْبَسُهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَقُوتُ يَوْمِهِ، وَلَوْ لَهُ عَبْدٌ يَحْتَاجُهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ؛ وَلَوْ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، فَإِنْ قَضَى: دَيْنَهُ بِهِ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، وَإِنْ صَامَ قَبْلَ قَضَائِهِ قِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ لَا؛ وَلَوْ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ صَامَ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ عَبْدًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إعْتَاقِهِ اهـ مُلَخَّصًا. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَالْمَرْأَةُ الْمُعْسِرَةُ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الصَّوْمِ لِأَنَّ كُلَّ صَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهَا بِإِيجَابِهَا لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَكَذَا الْعَبْدُ إلَّا إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَا يَمْنَعُهُ الْمَوْلَى لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَرْأَةِ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا بِالْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَيْ لَا وَقْتَ الْحِنْثِ، فَلَوْ حَنِثَ مُوسِرًا ثُمَّ أَعْسَرَ جَازَ لَهُ الصَّوْمُ، وَفِي عَكْسِهِ لَا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْعَكْسِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا: أَيْ كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَكَانَ الْمَالُ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ فَلَا يُجْزِيه الصَّوْمُ ط.
(قَوْلُهُ وِلَاءً) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ: أَيْ مُتَتَابِعَةً لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ - فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ - فَجَازَ التَّقْيِيدُ بِهَا لِأَنَّهَا مَشْهُورَةٌ فَصَارَتْ كَخَبَرِهِ الْمَشْهُورِ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ) أَيْ كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ مُدَّتَهَا لَا تَخْلُو غَالِبًا عَنْ الْحَيْضِ (قَوْلُهُ التَّفْرِيقَ) أَيْ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ مُتَفَرِّقَةً (قَوْلُهُ فَلَوْ صَامَ الْمُعْسِرُ) مِثْلُهُ الْعَبْدُ إذَا أُعْتِقَ وَأَصَابَ مَالًا قَبْلَ فَرَاغِ الصَّوْمِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَبْلَ فَرَاغِهِ) أَيْ مِنْ صَوْمِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِقَرِينَةِ ثُمَّ فَافْهَمْ، وَالْأَفْضَلُ إكْمَالُ صَوْمِهِ، فَإِنْ أَفْطَرَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَلَى الصَّحِيحِ) وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ صَامَ لِعَجْزِهِ فَظَهَرَ أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِهِ أَنْ لَا يُجْزِيَهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَجُزْ التَّكْفِيرُ إلَخْ) لِأَنَّ الْحِنْثَ هُوَ السَّبَبُ كَمَا مَرَّ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ أَثِمَ وَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ وَالْقَتْلِ. وَفِي سُقُوطِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْخِزَانَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَرِدُّهُ) أَيْ لَوْ كَفَّرَ بِالْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute