فَهِيَ عَشَرَةٌ.
(وَمَنْ حَرَّمَ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت هَذَا الطَّعَامَ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ لَا كَفَّارَةَ خُلَاصَةٌ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ (شَيْئًا) وَلَوْ حَرَامًا أَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ كَقَوْلِهِ الْخَمْرُ أَوْ مَالُ فُلَانٍ عَلَيَّ حَرَامٌ فَيَمِينٌ مَا لَمْ يُرِدْ الْإِخْبَارَ خَانِيَّةٌ (ثُمَّ فَعَلَهُ) بِأَكْلٍ أَوْ نَفَقَةٍ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ اسْتَعْمَلُوا لَفْظَ يَنْبَغِي بِمَعْنَى يَجِبُ
وَيُقِرُّ بِهِ قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فَإِنَّ الْحِنْثَ وَاجِبٌ كَمَا عَلِمْت، فَأَرَادُوا بِلَفْظِ يَنْبَغِي الْوُجُوبَ مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ فَكَذَا هَذَا، كَمَا تَقُولُ الْأَوْلَى بِالْمُسْلِمِ أَنْ يُصَلِّيَ (قَوْلُهُ فَهِيَ عَشَرَةٌ) مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ وَهِيَ صُورَتَا الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فِي خَمْسَةٍ: الْمَعْصِيَةُ، وَالْوَاجِبُ، وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَمَا غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ، وَمَا اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ ط.
مَطْلَبٌ فِي تَحْرِيمِ الْحَلَالِ
(قَوْلُهُ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ صَاحِبَ الْبَحْرِ، حَيْثُ قَالَ: وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ حُرْمَتَهُ مُعَلَّقَةً عَلَى فِعْلِهِ فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت هَذَا الطَّعَامَ فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ فِي التَّعْلِيقِ أَيْضًا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُعَلَّقٌ فَلَا تَحْسُنُ الْمُقَابَلَةُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَيَّدَ بِتَنْجِيزِ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهَا إلَخْ. اهـ. ح.
قُلْت: وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَوَرَدَ عَلَيْهِ مِثْلُ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَهَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ مَعَ أَنَّهُ عَلَّقَهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَيَّدَ بِتَنْجِيزِ الْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهَا عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْبَحْرِ فِي قَوْلُهُ عَلَى فِعْلِهِ: أَيْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ حَيْثُ قَالَ قُلْت وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُقُوعِ الشَّرْطِ. اهـ. وَالْجَوَابُ بِالْفَرْقِ هُنَا بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ، وَهُوَ أَنَّ فِي الْمُنَجَّزِ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ طَعَامًا مَوْجُودًا، أَمَّا فِي الْمُعَلَّقِ فَإِنَّهُ مَا حَرَّمَهُ إلَّا بَعْدَ الْأَكْلِ، لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْجَزَاءَ يَنْزِلُ عَقِبَ الشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ الطَّعَامُ مَوْجُودًا اهـ ح.
قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مَسْأَلَةَ الْخُلَاصَةِ الْمَذْكُورَةَ. ثُمَّ قَالَ عَقِبَهَا: وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: لَوْ قَالَ كُلُّ طَعَامٍ آكُلُهُ فِي مَنْزِلِك فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَحْنَثُ إذَا أَكَلَهُ، هَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَحْنَثُ؛ وَالنَّاسُ يُرِيدُونَ بِهَذَا أَنَّ أَكْلَهُ حَرَامٌ اهـ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَنْ يَحْنَثَ إذَا أَكَلَهُ، وَكَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْحِيَلِ إنْ أَكَلْت طَعَامًا عِنْدَك أَبَدًا فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابَ الْقِيَاسِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ فَيَمِينٌ) لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا تَمْنَعُ كَوْنَهُ حَالِفًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرُدَّ الْإِخْبَارَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنْ أَرَادَ الْإِنْشَاءَ، فَيَخْرُجُ مَا إذَا أَرَادَ الْإِخْبَارَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، لِأَنَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا: إذَا قَالَ هَذِهِ الْخَمْرُ عَلَيَّ حَرَامٌ فِيهِ قَوْلَانِ.
وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَنْوِي فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ الْخَبَرَ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَعِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَإِنْ أَرَادَ الْإِخْبَارَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ إخْبَارًا (قَوْلُهُ بِأَكْلٍ أَوْ نَفَقَةٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ لُبْسِ ثَوْبٍ أَوْ سُكْنَى دَارٍ، كُلُّ شَيْءٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ وَيُقْصَدُ مِنْهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَحْرِيمِ هَذِهِ الْأَعْيَانِ انْصِرَافُ الْيَمِينِ إلَى الْفِعْلِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا كَمَا فِي تَحْرِيمِ الشَّرْعِ لَهَا فِي نَحْوِ - {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣]- وَحُرِّمَتْ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى النِّكَاحِ وَالشُّرْبِ وَالْأَكْلِ.
وَلِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute