للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوْفِ أَمْ لَا فَكُلُّ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ذَوْقٌ وَلَا عَكْسَ، وَلَوْ تَمَضْمَضَ لِلصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ عَنَى بِالذَّوْقِ الْأَكْلَ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا لِدَلِيلٍ.

(حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ) أَوْ الْكَرْمَةِ (تَقَيَّدَ حِنْثُهُ بِأَكْلِهِ مِنْ ثَمَرِهَا) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِلَا تَغَيُّرٍ بِصَنْعَةٍ جَدِيدَةٍ فَيَحْنَثُ بِالْعَصِيرِ لَا بِالدُّبْسِ الْمَطْبُوخِ، وَلَا بِوَصْلِ غُصْنٍ مِنْهَا بِشَجَرَةٍ أُخْرَى (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ)

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ قَوْلَ الْمُحِيطِ لَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ يَحْنَثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَكْلُ الْمُقْتَرِنُ بِالْمَضْغِ أَوْ بَلَعَ مَا يُدْرِكُ طَعْمَهُ بِلَا مَضْغٍ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ مَنْ ابْتَلَعَ قَلْبَ لَوْزَةٍ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَاقَهَا وَلَا يَحْنَثُ بِبَلْعِهَا. اهـ.

قُلْت: وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ النَّظْمِ فَبَيْنَهُمَا التَّبَايُنُ كَمَا بَيْنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِفِعْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ) أَيْ فِي حَلِفِهِ لَا يَذُوقُ الْمَاءَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ ذَوْقَ الْمَاءِ بَلْ إقَامَةَ الْقُرْبَةِ وَلِذَاكِرِهِ الذَّوْقُ لِلصَّائِمِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَصْدُقْ إلَّا لِدَلِيلٍ) أَيْ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَهُ تَغَدَّ مَعِي كَمَا مَرَّ وَكَذَا الْعُرْفُ الْآنَ لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لَا أَذُوقُ فِي بَيْتِ زَيْدٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْأَكْلُ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ

مَطْلَبُ إذَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْ وَجَدَ عُرْفًا بِخِلَافِهَا تُرِكَتْ

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ) الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ وُجِدَ عُرْفٌ بِخِلَافِ الْحَقِيقَةِ تُرِكَتْ، فَإِذَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَا هُوَ مَأْكُولٌ بِعَيْنِهِ انْصَرَفَتْ إلَى الْعَيْنِ لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ، وَإِذَا عَقَدَهَا عَلَى مَا لَيْسَ مَأْكُولًا بِعَيْنِهِ أَوْ هُوَ مَأْكُولٌ إلَّا أَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ عَيْنُهُ عَادَةً انْصَرَفَتْ إلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ مَجَازًا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ شَيْئًا فَأَكَلَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ سَمْنِهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ عَيْنَ الشَّاةِ مَأْكُولَةٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى عَيْنِهَا لَا مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا وَكَذَا الْعِنَبُ، فَلَا يَحْنَثُ بِزَبِيبِهِ وَعَصِيرِهِ، وَفِي النَّخْلَةِ يَحْنَثُ بِتَمْرِهَا وَطَلْعِهَا لِأَنَّ عَيْنَهَا غَيْرُ مَأْكُولَةٍ، وَفِي الدَّقِيقِ يَحْنَثُ بِخُبْزِهِ لِأَنَّ الدَّقِيقَ وَإِنْ كَانَ يُؤْكَلُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ كَذَلِكَ عَادَةً وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ الْكَرْمَةِ) شَجَرَةُ الْعِنَبِ وَلَمْ أَرَهَا بِالتَّاءِ فَلْتُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِالْمُثَلَّثَةِ) لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ تَمْرًا بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْجِمَارِ، وَهُوَ شَيْءٌ أَبْيَضُ لَيِّنٌ فِي رَأْسِ النَّخْلَةِ وَلِأَنَّ النَّخْلَةَ مِثَالٌ وَالْمُرَادُ مَا يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا مِمَّا لَا تُؤْكَلُ عَيْنُهُ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِالْعَصِيرِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْأَكْلِ، وَالْعَصِيرُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَكْلَ هُنَا مَجَازٌ عَنْ التَّنَاوُلِ، فَالْمُرَادُ لَا أَتَنَاوَلُ مِنْهَا شَيْئًا ط.

قُلْت: مُقْتَضَى الْجَوَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِشُرْبِ الْعَصِيرِ وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ فَإِنَّ كَلَامَهُمْ يَصِحُّ بِدُونِ هَذَا التَّأْوِيلِ. فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الْبَحْرِ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا اللَّبَنَ أَوْ الْعَسَلَ أَوْ الْخَلَّ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ يَحْنَثُ لِأَنَّ أَكْلَهُ هَكَذَا يَكُونُ، وَكَذَا لَوْ ثَرَدَ فِي اللَّبَنِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا يَنْصَرِفُ إلَى كُلِّ مَأْكُولٍ مَطْعُومٍ حَتَّى لَوْ أَكَلَ الْخَلَّ يَحْنَثُ اهـ فَقَدْ صَحَّ أَكْلُ مَا يُشْرَبُ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا بِالدِّبْسِ الْمَطْبُوخِ) وَكَذَا النَّبِيذُ وَالنَّاطِفُ وَالْخَلُّ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى فِعْلٍ حَادِثٍ، فَلَمْ يَبْقَ مُضَافًا إلَى الشَّجَرَةِ بَحْرٌ، وَلِذَا عَطَفَ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى - {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس: ٣٥]- فَتْحٌ. وَاحْتَرَزَ بِالْمَطْبُوخِ عَمَّا يَسِيلُ مِنْ الرُّطَبِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ

مَطْلَبُ فِيمَا لَوْ وَصَلَ غُصْنَ شَجَرَةٍ بِأُخْرَى

(قَوْلُهُ وَلَا بِوَصْلِ إلَخْ) يَعْنِي إذَا قَطَعَ غُصْنًا مِنْ الشَّجَرَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَوَصَلَهُ بِشَجَرَةٍ أُخْرَى وَأَكَلَ مِنْ الثَّمَرِ الْخَارِجِ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. ح. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْنَثُ فَتْحٌ وَبَحْرٌ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْأَوَّلِ أَنَّ الْغُصْنَ صَارَ جُزْءًا مِنْ الثَّانِيَةِ وَلَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ أَكْلًا مِنْ الْأُولَى، وَمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّجَرَتَيْنِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ نَوْعَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>