للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلشَّجَرَةِ ثَمَرَةٌ (تَنْصَرِفُ) يَمِينُهُ (إلَى ثَمَنِهَا فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا وَأَكَلَهُ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ) وَإِنْ نَوَاهَا لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مَهْجُورَةٌ وَلْوَالَجِيَّةٌ. وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ نَوَى أَكْلَ عَيْنِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِشَيْخِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصْدُقَ قَضَاءً لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ. زَادَ فِي النَّهْرِ فَإِنْ قُلْت: وَرَقُ الْكَرَمِ مِمَّا يُؤْكَلُ عُرْفًا فَيَنْبَغِي صَرْفُ الْيَمِينِ لِعَيْنِهِ.

قُلْت: أَهْلُ الْعُرْفِ إنَّمَا يَأْكُلُونَهُ مَطْبُوخًا (وَفِي الشَّاةِ يَحْنَثُ بِاللَّحْمِ خَاصَّةً) لَا بِاللَّبَنِ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عَلَيْهَا.

(وَلَا يَحْنَثُ فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ أَوْ اللَّبَنِ بِأَكْلِ رُطَبِهِ وَتَمْرِهِ وَشِيرَازِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَتَتَقَيَّدُ بِهَا (بِخِلَافِ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ أَوْ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ

ــ

[رد المحتار]

وَنَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ الْمَسْأَلَةُ مُطْلَقَةٌ كَمَا مَرَّ ثُمَّ صَوَّرَهَا بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ شَجَرَةِ التُّفَّاحِ، فَوَصَلَ بِهَا غُصْنَ شَجَرَةِ الْكُمَّثْرَى قَالَ: فَإِنْ سَمَّاهَا بِاسْمِهَا مَعَ الْإِشَارَةِ بِأَنْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ التُّفَّاحِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهَا بَلْ قَالَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ حَنِثَ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الرِّوَايَةَ هَكَذَا.

قُلْت: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِحَمْلِ الْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعُ، وَسَمَّى الشَّجَرَةَ بِاسْمِهَا ثُمَّ أَكَلَ مِمَّا سَمَّى وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ أَوْ اخْتَلَفَ وَلَمْ يُسَمِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ إذَا اشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا وَأَكَلَهُ) لَفْظَةُ وَأَكَلَهُ زَادَهَا فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَقَدْ يُقَالُ يُرَادُ بِالْأَكْلِ الْإِنْفَاقُ فِي أَيِّ شَيْءٍ فَيَحْنَثُ بِهِ إذَا نَوَى فَلْيُنْظَرْ. اهـ.

قُلْت: إذَا نَوَى ذَلِكَ لَا كَلَامَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْوِ فَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِالْأَكْلِ حَقِيقَةً، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى بِهِ مَشْرُوبًا وَشَرِبَهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا أَكَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ عَمَلًا بِحَقِيقَةِ الْكَلَامِ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ عَيْنِ النَّخْلَةِ لَا يَحْنَثُ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَهْجُورَةٌ) صَوَابُهُ مُتَعَذِّرَةٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ. وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: وَمَنْ قَالَ مَهْجُورَةً لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُتَعَذَّرِ وَالْمَهْجُورِ. قَالَ صَاحِبُ الْكَشْفِ: الْمُتَعَذَّرُ مَا لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ كَأَكْلِ النَّخْلَةِ وَالْمَهْجُورُ مَا يَتَيَسَّرُ إلَيْهِ الْوُصُولُ لَكِنَّ النَّاسَ تَرَكُوهُ كَوَضْعِ الْقَدَمِ. اهـ. ح. وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِالْمَهْجُورَةِ الْغَيْرَ الْمُسْتَعْمَلَةَ تَجَوُّزًا كَمَا تَجَوَّزَ صَاحِبُ الْكَشْفِ بِإِطْلَاقِ الْمُتَعَذِّرِ عَلَى الْمُتَعَسِّرِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ الْقِسْمَيْنِ، وَحَقِيقَةُ الْمُتَعَذِّرِ مِثْلُ قَوْلِهِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّ نِيَّةَ عَيْنِهَا صَحَّتْ فَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ غَيْرُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ فَافْهَمْ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَ أَحَدَهُمَا، وَمَا نُقِلَ عَنْ حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ قَالَ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ فَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَإِنَّمَا فِيهَا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ آنِفًا مِنْ تَصْحِيحِ مَا فِي الْمَتْنِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ عِبَارَةَ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ) وَلِذَا انْصَرَفَ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْكُلُونَهُ مَطْبُوخًا) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ لِكَوْنِهِ دَخَلَهُ صَنْعَةٌ جَدِيدَةٌ ح.

(قَوْلُهُ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ) النَّخْلَةُ عَلَى سِتِّ مَرَاتِبَ: أَوَّلُهَا طَلْعٌ وَثَانِيهَا خُلَالٌ وَثَالِثُهَا بَلَحٌ وَرَابِعُهَا بُسْرٌ وَخَامِسُهَا رُطَبٌ وَسَادِسُهَا تَمْرٌ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الصِّحَاحِ عَزْمِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِأَكْلِ رُطَبِهِ وَتَمْرِهِ وَشِيرَازِهِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالشِّيرَازُ مِثَالُ دِينَارٍ اللَّبَنُ الرَّائِبُ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ مَاؤُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَبَنٌ يُغْلَى حَتَّى يَثْخُنَ ثُمَّ يُنَشَّفُ، وَيَمِيلُ إلَى الْحُمُوضَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ إلَخْ) إذْ لَا خَفَاءَ أَنَّ صِفَةَ الْبُسُورَةِ وَالرُّطُوبَةِ وَاللَّبَنِيَّةِ مِمَّا قَدْ تَدْعُو إلَى الْيَمِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>