للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَمَا شَاخَ أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْحَمَلَ) بِفَتْحَتَيْنِ وَلَدُ الشَّاةِ (فَأَكَلَهُ بَعْدَمَا صَارَ كَبْشًا) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاعِيَةٍ وَالْأَصْلُ فِي أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِصِفَةٍ دَاعِيَةٍ إلَى الْيَمِينِ تَقَيَّدَ بِهِ فِي الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ فَإِذَا زَالَتْ زَالَتْ الْيَمِينُ وَمَا لَا يَصْلُحُ دَاعِيَةً اُعْتُبِرَ فِي الْمُنَكَّرِ دُونَ الْمُعَرَّفِ.

وَفِي الْمُجْتَبَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْمَجْنُونَ فَبَرَأَ أَوْ هَذَا الْكَافِرُ فَأَسْلَمَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا صِفَةٌ دَاعِيَةٌ وَفِي لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا فَكَلَّمَ صَبِيًّا حَنِثَ وَقِيلَ لَا كَلَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا وَكَلَّمَ بَالِغًا لِأَنَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُدْعَى شَابًّا وَفَتًى إلَى الثَّلَاثِينَ فَكَهْلٌ إلَى خَمْسِينَ فَشَيْخٌ (أَوْ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْعِنَبَ فَصَارَ زَبِيبًا) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْبُسْرِ مِمَّا لَا يَحْنَثُ بِهِ (أَوْ لَا يَأْكُلُ

ــ

[رد المحتار]

بِحَسَبِ الْأَمْزِجَةِ، فَإِذَا زَالَتْ زَالَ مَا عُقِدَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَأَكْلُهُ أَكْلُ مَا لَمْ تَنْعَقِدْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ نَهْرٌ وَفَتْحٌ (قَوْلُهُ بَعْدَمَا شَاخَ) أَيْ صَارَ شَيْخًا وَهُوَ فَوْقَ الْكَهْلِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِفَتْحَتَيْنِ) أَيْ فَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَلَدُ الشَّاةِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى جَمْعُهُ حُمْلَانٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاعِيَةٍ) أَيْ هَذِهِ الصِّفَاتُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى الِامْتِنَاعِ لِأَنَّ هِجْرَانَ الْمُسْلِمِ بِمَنْعِ الْكَلَامِ مَنْهِيٌّ، فَلَا يُعْتَبَرُ مَا يُخَالُ دَاعِيًا إلَى الْيَمِينِ مِنْ جَهْلِ الصَّبِيِّ، أَوْ الشَّابِّ، وَسُوءِ أَدَبِهِ، وَكَذَا صِفَةُ الصِّغَرِ فِي الْحَمْلِ فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ عَنْهُ أَكْثَرُ امْتِنَاعًا عَنْ لَحْمِ الْكَبْشِ لِأَنَّ الصِّغَرَ دَاعٍ إلَى الْأَكْلِ لَا إلَى عَدَمِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْهِجْرَانَ قَدْ يَجُوزُ أَوْ يَجِبُ إذَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ أَوْ يَخْشَى فِتْنَتَهُ أَوْ فَسَادَ عِرْضِهِ بِكَلَامِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ عُلِمَ أَنَّهُ وَجَدَ الْمُسَوِّغَ، فَيُعْتَبَرُ الدَّاعِي فَيَتَقَيَّدُ بِصِبَاهُ وَشَبِيبَتِهِ وَبِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مَحْمُودٍ لِكَثْرَةِ رُطُوبَاتِهِ، حَتَّى قِيلَ فِيهِ النَّحْسُ بَيْنَ الْجَيِّدَيْنِ، وَأَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ بِذَلِكَ ذُهُولٌ وَنِسْيَانٌ عَنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَى الْعُرْفِ، وَأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَوْ أَرَادَ مَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ مِنْ اللَّفْظِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، فَالْحَمْلُ عِنْدَ الْعُمُومِ غِذَاءٌ فِي غَايَةِ الصَّلَاحِ، وَمَا يُدْرِكُ نَحْسَهُ إلَّا أَفْرَادٌ عَرَفُوا الطِّبَّ فَوَجَبَ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ، إذَا لَمْ يَنْوِ ذَاتَ الْحَمْلِ إذْ لَا يُحْكَمُ عَلَى فَرْدٍ مِنْ الْعُمُومِ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِهِمْ، فَيَنْصَرِفُ حَلِفُهُ إلَيْهِمْ، وَكَذَا الصَّبِيُّ لَمَّا كَانَ مَوْضِعَ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ عِنْدَ الْعُمُومِ.

وَفِي الشَّرْعِ: لَمْ يُجْعَلْ الصِّبَا دَاعِيَةً إلَى الْيَمِينِ فِي حَقِّ الْعُمُومِ، وَهَذَا لَا يَنْفِي كَوْنَهُ حَالِفًا عُرْفًا عَدَمُ طِيبِ الْحَمْلِ، أَوْ سُوءُ أَدَبِ صَبِيٍّ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْدَعُهُ إلَّا الْهَجْرُ، أَوْ عُلِمَ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهُ يَضُرُّهُ فِي دِينِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَعَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُدَّةِ الْحَمْلِيَّةِ أَوْ الصِّبَا فَإِنَّا نَصْرِفُ يَمِينَهُ، حَيْثُ صَرَفَهَا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَيَسْلُكُ بِهِ مَا عَلَيْهِ الْعُمُومُ، أَخْطَئُوا فِيهِ أَوْ أَصَابُوا فَلْيَكُنْ هَذَا مِنْك بِبَالٍ، فَإِنَّك تَدْفَعُ بِهِ كَثِيرًا مِنْ أَمْثَالِ هَذَا الْغَلَطِ الْمُورَدِ عَلَى الْأَئِمَّةِ اهـ مُلَخَّصًا وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَقَدْ عَدَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ التَّعْلِيلِ بِكَوْنِ الصِّفَةِ دَاعِيَةً أَوْ غَيْرَ دَاعِيَةٍ وَقَالَ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ إذَا صَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا لِأَنَّهُ اسْمٌ لِهَذِهِ الذَّاتِ، وَالرُّطُوبَةُ الَّتِي فِيهَا فَإِذَا أَكَلَهُ بَعْدَ الْجَفَافِ، فَقَدْ أَكَلَ بَعْضَ مَا عُقِدَ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا شَاخَ أَوْ الْحَمَلُ بَعْدَمَا صَارَ كَبْشًا فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ بَلْ زَادَ وَالزِّيَادَةُ لَا تَمْنَعُ الْحِنْثَ ثُمَّ قَالَ: فَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (قَوْلُهُ تَقَيَّدَ بِهِ) الْأَوْلَى بِهَا (قَوْلُهُ فِي الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ) مِثْلُ لَا آكُلُ هَذَا الْبُسْرَ أَوْ لَا آكُلُ بُسْرًا (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ فِي الْمُنَكَّرِ) مِثْلُ لَا آكُلُ حَمَلًا أَوْ لَا أُكَلِّمُ صَبِيًّا لِأَنَّ الْكَبْشَ لَا يُسَمَّى حَمَلًا، وَلَا الشَّيْخَ صَبِيًّا فَلَمْ يُوجَدْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَرَّفِ كَهَذَا الْحَمَلِ أَوْ هَذَا الصَّبِيِّ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْغَيْرَ الدَّاعِيَةِ تَلْغُو مَعَ الْإِشَارَةِ فَتُعْتَبَرُ الذَّاتُ الْمُشَارُ إلَيْهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ زَوَالِ الصِّفَةِ فَلَا تَزُولُ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ فَبَرَأَ) فِي الْمِصْبَاحِ بَرِئَ مِنْ الْمَرَضِ يَبْرَأُ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَنَفَعَ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ

(قَوْلُهُ فَكَلَّمَ صَبِيًّا حَنِثَ) لِأَنَّ اسْمَ الرَّجُلِ يَتَنَاوَلُ الصَّبِيَّ فِي اللُّغَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ فِي تَصْحِيحِ السِّرَاجِيَّةِ، وَلَكِنْ فِي الْعُرْفِ لَا يُسَمَّى فَالْحَقُّ الْقَوْلُ الثَّانِي. اهـ. ح (قَوْلُهُ يُدْعَى شَابًّا إلَخْ) فِي الْوَجِيزِ لِبُرْهَانِ الدِّينِ الْبُخَارِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>