وَمِنْهُ عُلِمَ أَنَّ الْعَجَمِيَّ يُعْتَبَرُ عُرْفُهُ قَطْعًا، وَفِي الْخَانِيَّةِ: الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ لَحْمٌ فِي يَمِينِ الْأَكْلِ لَا فِي يَمِينِ الشِّرَاءِ، وَفِي لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْحِمَارِ يَقَعُ فِي كِرَائِهِ، وَمِنْ هَذَا الْكَلْبِ لَا يَقَعُ عَلَى صَيْدِهِ وَلَا يَعُمُّ الْبَقَرُ الْجَامُوسَ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ النِّيءِ هُوَ الْأَصَحُّ.
(وَلَا) يَحْنَثُ (بِشَحْمِ الظَّهْرِ) وَهُوَ اللَّحْمُ السَّمِينُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ شَحْمًا) خِلَافًا لَهُمَا بَلْ بِشَحْمِ الْبَطْنِ وَالْأَمْعَاءِ اتِّفَاقًا لَا بِمَا فِي الْعَظْمِ اتِّفَاقًا فَتْحٌ (وَالْيَمِينُ عَلَى شِرَاءِ الشَّحْمِ) وَبَيْعِهِ (كَهِيَ عَلَى أَكْلِهِ) حُكْمًا وَخِلَافًا زَيْلَعِيٌّ (وَلَا) يَحْنَثُ (بِأَلْيَةٍ فِي)
ــ
[رد المحتار]
وَلِذَا نَقَلَ الْعَتَّابِيُّ خِلَافَ مَا هُنَا فَقَالَ قِيلَ: الْحَالِفُ إذَا كَانَ مُسْلِمًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ لِأَنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْكَافِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَيَأْتِي أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاللَّحْمِ النِّيءِ أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَا يُؤْكَلُ عَادَةً فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمُعْتَادِ، وَهُوَ الْأَكْلُ بَعْدَ الطَّبْخِ اهـ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ النِّيءَ لَحْمٌ حَقِيقَةً فَعُلِمَ أَنَّ الْمَلْحُوظَ إلَيْهِ فِي الْعُرْفِ هُوَ الْأَكْلُ لَا لَفْظُ لَحْمٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ عُلِمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَإِنَّ الْمُرَادَ عُرْفُ بِلَادِهِمْ، وَهِيَ مِنْ الْعَجَمِ فَافْهَمْ. ثُمَّ إنَّ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ فِي الْأَيْمَانِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عُرْفَ الْعَرَبِ، بَلْ أَيَّ عُرْفٍ كَانَ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ الْخُبْزُ مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ بَلَدِ الْحَالِفِ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَفِي الْأَيْمَانِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ خَوَارِزْمِيًّا فَأَكَلَ لَحْمَ السَّمَكِ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُسَمُّونَهُ لَحْمًا (قَوْلُهُ لَحْمٌ فِي يَمِينِ الْأَكْلِ لَا فِي يَمِينِ الشِّرَاءِ) وَجَعَلَ فِي الشَّافِي الْأَكْلَ وَالشِّرَاءَ وَاحِدًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بَزَّازِيَّةٌ.
قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الرَّأْسَ وَالْأَكَارِعَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا تُسَمَّى لَحْمًا، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا لَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ اشْتَرَى لَحْمًا بَلْ اشْتَرَى رَأْسًا أَوْ أَكَارِعَ، أَمَّا إذَا أَكَلَ اللَّحْمَ الَّذِي فِيهَا فَقَدْ أَكَلَ لَحْمًا، فَيَحْنَثُ وَيُشِيرُ إلَى هَذَا الْفَرْقِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ أَكَلَ رُءُوسَ الْحَيَوَانِ يَحْنَثُ لِأَنَّ مَا عَلَيْهَا لَحْمٌ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ عَلَى صَيْدِهِ) وَإِنَّمَا يَقَعُ عَلَى لَحْمِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْحِمَارِ إلَّا أَنَّ الْحِمَارَ لَمَّا كَانَ لَهُ كِرَاءٌ وَيَسْتَعْمِلُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْأَكْلِ مِنْ كِرَائِهِ حَمَلُوهُ عَلَى الْكِرَاءِ وَفِيمَا وَرَاءَهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مِنَحٌ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى ط (قَوْلُهُ وَلَا يَعُمُّ الْبَقَرُ الْجَامُوسَ) أَيْ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ الْبَقَرِ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَامُوسِ، كَعَكْسِهِ لِأَنَّ النَّاسَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْبَقَرَ أَعَمُّ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: لَا يَأْكُلُ لَحْمَ شَاةٍ لَا يَحْنَثُ بِلَحْمِ الْعَنْزِ مِصْرِيًّا كَانَ أَوْ قَرَوِيًّا قَالَ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ النِّيءِ) بِالْهَمْزِ وِزَانُ حِمْلٍ وَالْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ عَامِّيٌّ مِصْبَاحٌ أَيْ إبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَإِدْغَامُهَا فِي الْيَاءِ لُغَةُ الْعَوَّامِ وَقَدَّمْنَا وَجْهَ عَدَمِ الْحِنْثِ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ اللَّحْمُ السَّمِينُ) كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّحْمُ الْأَبْيَضُ الْمُسَمَّى فِي الْعُرْفِ دُهْنُ الْبَدَنِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حَالَةِ السِّمَنِ دُونَ الْهُزَالِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ شَحْمُ الْكُلْيَةِ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالظَّهْرِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَالَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ: إنْ أُرِيدَ بِشَحْمِ الظَّهْرِ شَحْمُ الْكُلْيَةِ فَقَوْلُهُمَا أَظْهَرُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ شَحْمُ اللَّحْمِ فَقَوْلُهُ أَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ بِشَحْمِ الْبَطْنِ) هُوَ مَا كَانَ مُدَوَّرًا عَلَى الْكَرِشِ وَمَا بَيْنَ الْمَصَارِينِ شَحْمُ الْأَمْعَاءِ ط (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) رَدَّ عَلَى صَاحِبِ الْكَافِي حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي شَحْمِ الْأَمْعَاءِ وَالشَّحْمِ الْمُخْتَلِطِ بِالْعَظْمِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّ مُخَّ الْعَظْمِ شَحْمٌ اهـ وَكَذَا لَا يَنْبَغِي خِلَافٌ فِي الْحِنْثِ بِمَا عَلَى الْأَمْعَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي تَسْمِيَتِهِ شَحْمًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ زَيْلَعِيٌّ) عِبَارَتُهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَحْمِ الظَّهْرِ وَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فِي يَمِينِهِ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا، وَلَا يَشْتَرِيهِ وَلَا يَبِيعُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ بِأَلْيَةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَجَمَاعَةٌ وَلَا تُكْسَرُ الْهَمْزَةُ وَلَا يُقَالُ لِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَلَيَاتٌ كَسَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ، وَالتَّثْنِيَةُ أَلْيَانِ بِحَذْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute