للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ) أَوْ لَا يَشْتَرِي (شَحْمًا أَوْ لَحْمًا) لِأَنَّهَا نَوْعٌ ثَالِثٌ.

(وَلَا) يَحْنَثُ (بِخُبْزٍ أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ فِي) حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ (هَذَا الْبُرَّ إلَّا بِالْقَضْمِ مِنْ عَيْنِهَا) لَوْ مَقْلِيَّةً كَالْبَلِيلَةِ فِي عُرْفِنَا أَمَّا لَوْ قَضَمَهَا نِيئَةً فَلَا حِنْثَ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَتْحٌ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْكَشْفِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الْحِنْطَةُ وَيُشِيرُ لِصُبْرَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُخْتَصَرِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ هَذِهِ بِلَا ذِكْرِ حِنْطَةٍ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا كَيْفَ كَانَ وَلَوْ نِيئَةً أَوْ خُبْزًا.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ حِنْطَةً فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَلَوْ نِيئَةً لَا بِنَحْوِ الْخُبْزِ وَلَوْ زَرَعَهُ

ــ

[رد المحتار]

الْهَاءِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ

(قَوْلُهُ إلَّا بِالْقَضْمِ مِنْ عَيْنِهَا) أَيْ عَيْنِ الْبُرِّ وَأُنِّثَ ضَمِيرُهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حِنْطَةً أَيْضًا، وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنَّ: أَيْ لَكِنَّهُ يَحْنَثُ بِقَضْمِهِ مِنْ قَضَمَتْ الدَّابَّةُ الشَّعِيرَ تَقْضِمُهُ مِنْ بَابِ تَعِبَ كَسَرَتْهُ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ لُغَةٌ مِصْبَاحٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْقَضْمِ: بَلْ أَنْ يَأْكُلَ عَيْنَهَا بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ أَوْ بِسُطُوحِهَا، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَلَوْ ابْتَلَعَهُ صَحِيحًا حَنِثَ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ فَإِنَّهُ احْتَرَزَ بِالْقَضْمِ، عَمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ وَالسَّوِيقِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّ عَيْنَ الْحِنْطَةِ مَأْكُولٌ وَعِنْدَهُمَا يَحْنَثُ.

قُلْت: وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا فَإِنَّ لَفْظَ أَكَلَ الْحِنْطَةَ يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً فِي أَكَلَ عَيْنَهَا فَإِنَّ النَّاسَ يَقْلُونَهَا وَيَأْكُلُونَهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِأَكَلْت الْحِنْطَةَ أَكْلَ خُبْزِهَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَفْظُ أَكَلْت حِنْطَةً يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ، فَيَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ لِتَرَجُّحِ الْحَقِيقَةِ عِنْدَ مُسَاوَاةِ الْمَجَازِ، بَلْ الْآنَ لَا يُتَعَارَفُ فِي أَكْلِ الْخُبْزِ مِنْهَا إلَّا لَفْظٌ آخَرُ وَهُوَ أَكَلْت الْخُبْزَ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا حَلَفَ عَلَى حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ حِنْطَةً يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ كَقَوْلِهِمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَالدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إيرَادِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ يَعُمُّ الْمُعَيَّنَةَ وَالْمُنَكَّرَةَ وَهُوَ أَنَّ عَيْنَهَا مَأْكُولٌ. اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ مَقْلِيَّةً كَالْبَلِيلَةِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ النَّاسَ يَغْلُونَ الْحِنْطَةَ وَيَأْكُلُونَهَا وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى فِي عُرْفِ بِلَادِنَا بَلِيلَةً وَتُقْلَى أَيْضًا أَيْ تُوضَعُ جَافَّةً فِي الْقِدْرِ ثُمَّ تُؤْكَلُ قَضْمًا اهـ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: كَالْبَلِيلَةِ الْكَافُ فِيهِ لِلتَّنْظِيرِ إنْ كَانَتْ النُّسَخُ لَوْ مَقْلِيَّةً بِالْقَافِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَهِيَ لِلتَّمْثِيلِ وَالْبَلِيلَةُ هِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي عُرْفِ بِلَادِنَا سَلِيقَةً لِأَنَّهَا تُسْلَقُ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِالنِّيَّةِ) وَلَوْ نَوَى مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا صَحَّ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُخْتَصَرِ) أَيْ الْمَتْنِ أَيْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ عَيْنِهَا لَوْ مَغْلِيَّةً أَوْ مَقْلِيَّةً لَا لَوْ نِيئَةً وَلَا بِنَحْوِ خَبْزِهَا.

مَطْلَبُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْبُرَّ

(قَوْلَةُ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا كَيْفَ كَانَ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْإِشَارَةُ بِدُونِ تَسْمِيَةٍ تُعْتَبَرُ ذَاتُ الْمُشَارِ إلَيْهِ سَوَاءٌ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا أَوْ حَدَثَ لَهَا اسْمٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا وَلَوْ نِيئَةً) أَيْ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالنِّيءِ مِنْهَا، وَأَمَّا عَدَمُ الْحِنْثِ بِالْخُبْزِ وَنَحْوِهِ كَالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ، فَقَدْ اشْتَرَكَ فِيهِ الْمَعْرِفَةُ وَالنَّكِرَةُ لِتَقَيُّدِ الْحَلِفِ بِالِاسْمِ فَإِنَّ الْخُبْزَ وَنَحْوَهُ لَا يُسَمَّى حِنْطَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ يُقَالُ: خُبْزُ حِنْطَةٍ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي النِّيءِ حَيْثُ دَخَلَ فِي الْمُنَكَّرِ دُونَ الْمُعَرَّفِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ حِنْطَةً نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَتَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ مُسَمَّاهَا بِخِلَافِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودَةِ فِي الْأَكْلِ وَالنِّيءُ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِيهِ.

هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>